كيم جونغ أون يزور قبر شقيقه بعد 8 سنوات من اغتياله.. خطوة رمزية تُعيد فتح ملف صادم في تاريخ كوريا الشمالية

في خطوةٍ غير مسبوقة أثارت جدلاً واسعاً داخل وخارج كوريا الشمالية، قام الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بزيارة قبر شقيقه غير الشقيق كيم جونغ نام، الذي اغتيل عام 2017 في مطار كوالالمبور الدولي بماليزيا، في حادثٍ هزّ العالم آنذاك وأثار اتهامات واسعة ضد نظام بيونغ يانغ.
الزيارة التي نقلتها وسائل إعلام مقربة من النظام الكوري الشمالي، أعادت إلى الأذهان واحدة من أكثر القضايا غموضًا وإثارة في التاريخ الحديث لكوريا الشمالية، وفتحت الباب أمام تساؤلات حول دوافع كيم في هذا التوقيت بالذات بعد مرور ثماني سنوات على الحادثة.

خلفية الاغتيال الذي صدم العالم
في 13 فبراير 2017، قُتل كيم جونغ نام، الأخ غير الشقيق للزعيم الحالي، بعد أن تعرّض لهجوم بمادة كيميائية قاتلة في مطار كوالالمبور أثناء انتظاره رحلة متجهة إلى ماكاو.
وأشارت تقارير استخباراتية غربية وماليزية حينها إلى ضلوع عناصر كورية شمالية في التخطيط والتنفيذ، بينما نفت بيونغ يانغ أي علاقة لها بالحادثة، ووصفتها بأنها “مؤامرة سياسية من دول معادية”.
وشكّل اغتيال كيم جونغ نام — الذي كان يعيش في الخارج منذ سنوات — لحظة فارقة في العلاقات بين كوريا الشمالية والمجتمع الدولي، إذ رأى مراقبون أن النظام الكوري أرسل بذلك رسالة قاسية ضد أي معارض أو منشق من العائلة الحاكمة.
![]()
رمزية الزيارة ودلالاتها السياسية
زيارة كيم جونغ أون لقبر شقيقه لم تمر مرور الكرام. فوفقًا لتحليلات مراقبين في سيول وطوكيو، تحمل هذه الخطوة أبعادًا رمزية وسياسية متعددة:
-
داخليًا: قد يسعى كيم إلى تقديم نفسه كقائد متسامح يعيد ترتيب الإرث العائلي ويُظهر نوعًا من “الوفاء الدموي” لأفراد أسرته، في وقتٍ يواجه فيه النظام تحديات اقتصادية وضغوطًا دولية.
-
خارجيًا: الزيارة يمكن أن تُقرأ كرسالة موجهة إلى المجتمع الدولي مفادها أن بيونغ يانغ تسعى إلى إغلاق صفحات الماضي، وربما التمهيد لمناخ أكثر هدوءًا في السياسة الخارجية.
-
رمزياً: في ثقافة كوريا الشمالية التي تقدّس الرموز الأسرية والزعامية، تمثل هذه الزيارة إشارة إلى وحدة العائلة الكيمية رغم الانقسامات القديمة.
-

تفسيرات محتملة للخطوة المفاجئة
يرى بعض المحللين أن كيم جونغ أون أراد بهذه الزيارة إعادة رسم صورته أمام الرأي العام بعد سنوات من الانغلاق والعقوبات، بينما يربط آخرون بين الحدث والتطورات الإقليمية الأخيرة في شرق آسيا، خصوصاً مع تزايد النشاط الدبلوماسي بين كوريا الشمالية وروسيا والصين.
كما يذهب آخرون إلى احتمال أن تكون الزيارة تمهيدًا لمرحلة جديدة من الخطاب الإعلامي الداخلي، حيث يسعى النظام إلى ترسيخ فكرة “القائد الإنساني والعائلي” أمام الشعب، في ظل الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي تمر بها البلاد.
ردود الأفعال الدولية
لم تصدر حتى الآن تعليقات رسمية من الولايات المتحدة أو كوريا الجنوبية، لكن الصحافة الدولية وصفت الحدث بأنه “زيارة مثقلة بالرسائل”، فيما اعتبرته صحيفة The Guardian البريطانية “جزءًا من سردٍ جديدٍ يحاول كيم من خلاله إعادة تشكيل إرث عائلته السياسي بعد سنوات من التوتر”.
بين الماضي والحاضر
رغم أن اغتيال كيم جونغ نام طُوي في ملفات التحقيق الدولية، إلا أن ظلاله ما زالت تطارد النظام الحاكم في بيونغ يانغ. وتأتي زيارة القبر لتذكّر العالم بأن ملف “الدم والسياسة” في كوريا الشمالية لا يزال مفتوحاً، وأن الذاكرة العائلية في بيت كيم قد تحمل في طياتها أكثر مما يُقال في العلن.
زيارة تُعيد فتح ملف طالما حاولت بيونغ يانغ أغلاقة
زيارة كيم جونغ أون لقبر شقيقه كيم جونغ نام ليست مجرد حدث شخصي أو طقسي، بل رسالة سياسية معقدة تحمل أبعاداً نفسية وإستراتيجية، تُعيد فتح ملف طالما حاولت بيونغ يانغ أغلاقه.
في دولةٍ تُدار رموزها بالأساطير والولاء المطلق للعائلة الحاكمة، تبقى مثل هذه الزيارة علامة فارقة في تاريخ كوريا الشمالية الحديث، ونافذة تفتح على ما يدور في دهاليز السلطة التي لا تعرف الرحمة ولا النسيان.

