إسرائيل في لحظة ”انكشاف تاريخي” بعد 7 أكتوبر.. انهيار الثقة بالدولة وتآكل الهوية وانفجار الغضب الداخلي

"طوفان الأقصى" يعرّي الداخل الإسرائيلي ويكشف سقوطاً غير مسبوق
في تقريرٍ صادم نشرته صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية اليوم الإثنين، وُصِف بأنه الأكثر قسوة في تاريخ الإعلام الإسرائيلي، اعترفت الصحيفة بأن المجتمع الإسرائيلي يعيش لحظة "انكشاف تاريخي" غير مسبوقة منذ هجوم "طوفان الأقصى" الذي شنّته المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023، مؤكدة أن الدولة العبرية تعيش انهياراً أخلاقياً ونفسياً وسياسياً شاملاً.

وقالت الصحيفة في افتتاحيتها بلهجة غير معهودة في الإعلام العبري:
"لقد فقدنا الخجل، فقدنا الأخلاق، فقدنا المعايير، وتحولنا إلى قطيعٍ محموم ينقض بأسنان مكشوفة على كل من نراه عدواً للأمة".
أزمة المدعية العسكرية تكشف "انفلاتاً أخلاقياً"
جاء التقرير على خلفية اختفاء المدعية العسكرية العامة الإسرائيلية يفعات تومر-يروشالمي مؤخرًا، بعد تعرضها لهجوم شرس من سياسيين ووسائل إعلام إسرائيلية بسبب الاتهامات الموجهة إليها بتسريب فيديو يُظهر تعذيب أسير فلسطيني في معتقل سدي تيمان.
وذكرت الصحيفة أن يروشالمي تلقت رسائل تهديد تدعو إلى "حرقها وإعدامها شنقاً"، في مشهد يعكس، بحسب التقرير، حالة الانفلات والتحريض التي تضرب المجتمع الإسرائيلي حتى ضد قياداته العسكرية.
بعد 7 أكتوبر.. المجتمع يفقد توازنه النفسي
يربط تقرير "إسرائيل هيوم" بين هذه الظواهر وبين الصدمة الجماعية التي أعقبت عملية "طوفان الأقصى"، مؤكداً أن إسرائيل تعيش انهياراً نفسياً جماعياً منذ ذلك اليوم.
وقالت الصحيفة:

"بعد يوم واحد من هجوم طوفان الأقصى، بدأت تنتشر نظريات الخيانة وصور مزيفة لمسؤولين يهربون من البلاد، وتحوّل المجتمع الإسرائيلي إلى ساحة شك وانقسام وكراهية".
وأشار التقرير إلى ارتفاع حالات الانتحار بين الجنود والمدنيين، وتزايد اضطرابات ما بعد الصدمة داخل الجيش والمجتمع، إلى جانب تراجع الثقة بالقيادة السياسية والعسكرية.
سقوط الأسطورة.. الجيش الذي لا يُقهر أصبح هشاً
الكاتب الإسرائيلي ناحوم برنياع وصف في مقال سابق يوم 7 أكتوبر بأنه:
"اليوم الذي تحطمت فيه أسطورة الجيش الذي لا يُقهر".
أما المؤرخ والمفكر الإسرائيلي يوفال نوح هراري فقال:
"القيادة الإسرائيلية أصبحت الخطر الأكبر على وجود إسرائيل".
بينما رأى المحلل الأمني يوآف ليمور أن ما حدث في "طوفان الأقصى" أسقط نظرية الأمن القومي الإسرائيلي بالكامل، وأثبت أن "الردع الإسرائيلي لم يعد موجودًا إلا في الخطاب الرسمي، لا في الواقع".
قادة إسرائيل.. من حُماة الدولة إلى صانعي الانقسام
يحمل تقرير "إسرائيل هيوم" القيادات السياسية الإسرائيلية المسؤولية المباشرة عن هذا الانهيار، معتبرًا أنهم أصبحوا:
"شركاء في جوقة التحريض، لا رعاة لاستقرار الدولة".
وتتساءل الصحيفة بمرارة:
"أين كابينت العقل؟ من يعلن حالة طوارئ لغوية وأخلاقية لإسرائيل قبل أن تنهار تمامًا؟".
ويشير محللون إلى أن التقرير يعكس اعترافًا ضمنيًا بأن الانهيار في إسرائيل لم يعد خارجيًا بسبب الحرب، بل داخليًا نتيجة تآكل الثقة بالمؤسسات والجيش.
إسرائيل ما بعد المشروع الصهيوني
يقول الباحث شلومو بن عامي إن إسرائيل تدخل اليوم مرحلة جديدة يمكن وصفها بأنها "ما بعد المشروع الصهيوني الكلاسيكي"، إذ لم تعد تمتلك القدرة على توحيد مواطنيها حول هوية واحدة أو مشروع وطني جامع.

ويضيف الخبير الإسرائيلي بن كاسبيت:
"7 أكتوبر لم يهاجم إسرائيل من الخارج فقط.. بل عرّى تآكلها من الداخل".
انهيار الثقة والهوية.. أخطر من الحرب
بحسب التقرير، فإن الخطر الأكبر الذي تواجهه إسرائيل اليوم ليس من المقاومة الفلسطينية أو إيران، بل من داخلها، حيث يعيش المجتمع الإسرائيلي انقساماً عمودياً بين اليمين المتطرف واليسار الليبرالي، وبين العلمانيين والمتدينين، مع فقدان شبه كامل للثقة بالجيش والحكومة.
كما حذّر التقرير من ارتفاع مستويات العنف الداخلي والانتحار، وتفكك النسيج الاجتماعي، مؤكدًا أن ما يحدث الآن هو "تفكك صامت لدولةٍ كانت تتباهى بأنها النموذج الأكثر استقرارًا في الشرق الأوسط".
لحظة كشف كبرى للمجتمع الإسرائيلي
يؤكد تقرير "إسرائيل هيوم" أن طوفان الأقصى لم يكن مجرد عملية عسكرية، بل لحظة كشف كبرى للمجتمع الإسرائيلي، حيث ظهرت الانقسامات العميقة والضعف الداخلي وانهيار أسطورة الجيش والدولة.
وفي وقت تحاول فيه تل أبيب إقناع العالم بأنها استعادت السيطرة، يكشف إعلامها نفسه الحقيقة المرة:
"إسرائيل تتفكك من الداخل قبل أن يفككها أعداؤها".

