من يريد التخلص من ترامب؟.. بين خصوم الداخل وأعداء الخارج تتشابك خيوط المؤامرة

رصاصة نحو رجل المرحلة
عاد اسم دونالد ترامب إلى صدارة المشهد الأمريكي والعالمي مجددًا، ليس كمرشح انتخابي مثير للجدل فحسب، بل كـ"هدف محتمل" في واحدة من أكثر القضايا الأمنية والسياسية حساسية في التاريخ الأمريكي الحديث.
فبعد أسابيع من محاولة الاغتيال الفاشلة في ملعب الغولف، جاء اكتشاف منصة قنص مشبوهة قرب مطار بالم بيتش الدولي، حيث تهبط طائرته الرئاسية الخاصة، ليطرح السؤال المقلق: من يريد التخلص من ترامب؟
هل هي جهات داخلية تسعى لقطع طريق عودته إلى البيت الأبيض؟ أم أطراف خارجية تخشى صعوده مجددًا وسياساته المتقلبة؟
منصة قنص تكشف المستور
التحقيقات الأولية التي يقودها مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) وجهاز الخدمة السرية الأمريكية كشفت أن المنصة وُضعت بعناية في موقع مرتفع يُطل مباشرة على نقطة مغادرة ترامب للطائرة الرئاسية، وهي زاوية وصفها الخبراء بأنها “احترافية لا يمكن أن تكون عشوائية”.
لكن الأغرب أن الواقعة جاءت بعد أيام فقط من إطلاق سراح المتهم بمحاولة اغتيال سابقة، وهو ما جعل بعض المراقبين يتحدثون عن "سلسلة منظمة من محاولات الاغتيال" تتجاوز حدود الصدفة.
أعداء الداخل.. صراع الحزب والدولة العميقة
منذ عودته إلى الواجهة السياسية، يخوض ترامب حربًا مفتوحة مع مؤسسات الدولة الأمريكية، من القضاء إلى الإعلام مرورًا بالبنتاغون ووكالة المخابرات المركزية.
يرى أنصاره أن هناك "دولة عميقة" لا ترغب بعودته إلى السلطة، لأنه كشف ملفات حساسة تتعلق بالتجسس الداخلي، والتلاعب في الانتخابات، وتمويل جماعات الضغط.
ويذهب بعض الجمهوريين إلى أن خصوم ترامب داخل واشنطن أخطر من خصومه في الخارج، لأنهم يملكون الأدوات الأمنية والإعلامية والمالية القادرة على صناعة الرأي العام وتشويه صورته تمهيدًا لعزله معنويًا أو جسديًا.
المال والنفوذ.. شركات تخشى عودة ترامب
في خلفية المشهد، تقف شركات التكنولوجيا العملاقة مثل "ميتا" و"غوغل" و"أمازون"، إضافة إلى المؤسسات المالية في وول ستريت، التي تكبدت خسائر أثناء فترة حكم ترامب بسبب سياساته الاقتصادية الحمائية وقراراته العدائية ضد العولمة.
عودة ترامب قد تعني فرض قيود جديدة على الأسواق الرقمية، وخروج الاستثمارات من السيطرة التقليدية للنخب الاقتصادية، لذلك يرى محللون أن هذه الكيانات قد لا تتورع عن تمويل حملات سياسية أو إعلامية – وربما أمنية غير مباشرة – لإضعافه أو منعه من الوصول مجددًا إلى الحكم.
خصوم الخارج.. من إيران إلى أوروبا
على الصعيد الدولي، لا ينسى خصوم ترامب مواقفه العدائية السابقة.
-
إيران لا تزال تعتبره المسؤول الأول عن اغتيال قاسم سليماني، ولا يُستبعد أن يكون لها جناح يسعى للثأر الرمزي أو العملي.
-
الصين التي خاض ضدها حربًا تجارية قاسية ترى في عودته تهديدًا مباشرًا لاقتصادها العالمي.
-
حتى الاتحاد الأوروبي ينظر بقلق إلى احتمال عودة “ترامب القومي” الذي قوّض تحالفات الناتو، وشكك في الالتزام الأمريكي بالدفاع عن أوروبا.
وبالتالي، فإن أيًّا من هذه القوى قد يجد في "إزاحة ترامب" مشروعًا يخدم مصالحه الاستراتيجية، ولو عبر أدوات غير مباشرة.
الإعلام الأمريكي.. بين التحريض والتخويف
لا يمكن إغفال الدور الكبير الذي يلعبه الإعلام الأمريكي الموجّه في تشكيل الصورة الذهنية لترامب.
فبينما تصفه بعض القنوات بأنه “الخطر الأكبر على الديمقراطية”، تتعامل معه أخرى كـ"المنقذ من فساد النظام".
لكن الملفت أن الخطاب الإعلامي في الأسابيع الأخيرة بدأ يهيئ الرأي العام لاحتمال اغتيال ترامب، عبر الحديث المتكرر عن "التهديدات الأمنية المحيطة به" و"غضب الجماعات اليمينية المتطرفة"، ما يثير الشك في أن هناك من يمهّد الأرض نفسيًا لتقبل سيناريو النهاية العنيفة.
التحليل الاستراتيجي: ترامب هدف متحرك بين محورين
يرى محللون سياسيون أن ترامب يقف اليوم بين محورين متقابلين:
-
محور النخبة الأمريكية الحاكمة التي ترى في شخصيته خطرًا على مؤسسات الدولة الراسخة.
-
محور التيار الشعبوي المحافظ الذي يراه تجسيدًا لروح أمريكا القديمة الرافضة للعولمة والانفتاح.
هذا الصدام جعل من ترامب أخطر سياسي في أمريكا من حيث حجم العداء الذي يواجهه، فكل طرف يخشى أنه إن عاد إلى الحكم، فسيبدأ مرحلة “الانتقام السياسي” من خصومه، وهو ما يدفع البعض لقطع الطريق عليه بكل الوسائل الممكنة.
من يملك المصلحة في "التخلص من ترامب"؟
عند تحليل الوقائع بعمق، يمكن حصر الأطراف التي قد ترغب في التخلص من ترامب في ثلاث فئات رئيسية:
-
خصوم سياسيون داخل الحزب الديمقراطي والدولة العميقة.
-
كيانات مالية وإعلامية كبرى تضررت من سياساته الاقتصادية.
-
قوى خارجية فقدت نفوذها نتيجة مواقفه الحادة في السياسة الدولية.
لكن الأخطر – بحسب تقارير استخباراتية – أن بعض الجهات تحاول استغلال هذه العداوات لتصنيع حدثٍ أمنيٍّ يخلط الأوراق، سواء لإشعال اضطرابات داخلية أو لتوجيه الرأي العام نحو انتخابات فوضوية.
ترامب بين الحياة السياسية والموت الرمزي
في النهاية، يظلّ دونالد ترامب هدفًا متحركًا بين دوائر النفوذ والمصالح، رجلًا يثير الإعجاب والخوف في آنٍ واحد.
إنها ليست فقط قصة رئيسٍ مهددٍ بالاغتيال، بل قصة نظامٍ يخشى من رجلٍ يملك مفاتيح تغييره.
وربما لن يكون السؤال "هل سينجو ترامب من محاولات الاغتيال؟" بل الأهم:
هل يمكن للنظام الأمريكي أن يتعايش مع عودته؟