الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

أسرار السياسة

الإفراج عن مروان البرغوثي وأحمد سعدات وجثّة السنوار.. ملفات شائكة على طاولة مفاوضات تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل

البرغوتي وسعدات
-

كشفت مصادر مطلعة أن ملف تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل يشهد نقاشًا معقدًا يتضمن بنودًا حساسة تتعلق بالإفراج عن شخصيات فلسطينية بارزة، بينها القيادي في حركة فتح مروان البرغوثي، والأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات، إلى جانب طبيبين فلسطينيين، وجثة يُعتقد أنها تعود إلى يحيى السنوار، قائد حماس في غزة.

ملفات حساسة على الطاولة.. البرغوثي وسعدات في صدارة المشهد

ووفقًا لتقارير إسرائيلية وعربية متطابقة، فإن الجانب الفلسطيني يصرّ على أن صفقة تبادل الأسرى لن تكتمل ما لم تشمل إطلاق سراح مروان البرغوثي وأحمد سعدات، وهما من أبرز رموز النضال الفلسطيني الذين يقضون أحكامًا بالسجن المؤبد في السجون الإسرائيلية منذ سنوات طويلة.

ويُعتبر مروان البرغوثي، القيادي في حركة فتح، أحد الرموز الوطنية التي تحظى بقبول واسع في الشارع الفلسطيني، فيما يُعدّ أحمد سعدات أحد الأصوات اليسارية الصلبة في مواجهة الاحتلال، ما يجعل إدراجهما في الصفقة محورًا سياسيًا عالي الحساسية بالنسبة لإسرائيل التي طالما رفضت الإفراج عنهما في الصفقات السابقة.

تفاصيل المباحثات.. وأوراق تفاوضية جديدة تدخل المشهد

إسرائيل/الأراضي الفلسطينية المحتلة: يجب على إسرائيل وضع حد لتعذيب  الفلسطينيين في سجونها وعزلهم عن العالم الخارجي - منظمة العفو الدولية

وبحسب ما كشفته القناة 12 الإسرائيلية، فإن الوفد الإسرائيلي المفاوض يتعامل مع ملف الأسرى "بأقصى درجات السرية"، في حين تسعى حماس إلى ربط مراحل الإفراج عن الأسرى بمراحل الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة.

وفي هذا السياق، أكد مصدر مقرب من الحركة أن وفدها المفاوض في شرم الشيخ طرح على الطاولة ملف جثث القادة الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل خلال الحرب الأخيرة، وعلى رأسهم جثة يحيى السنوار، التي لم تُسلّم بعد رسميًا لأي جهة فلسطينية أو دولية.

وأضاف المصدر أن الحركة تطالب بـ"ضمانات دولية" تؤكد الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة قبل أي تسليم نهائي للجثث أو التبادل الشامل للأسرى، مؤكداً أن هذا الملف يشكل "ورقة ضغط سياسية وإنسانية" في آنٍ واحد.

طبيبان فلسطينيان ضمن الصفقة المحتملة

كما شمل النقاش بين الجانبين — بحسب تسريبات إعلامية — ملف الإفراج عن طبيبين فلسطينيين اعتقلتهما إسرائيل خلال الحرب الأخيرة في غزة، بعد اتهامهما بتقديم دعم طبي لقيادات من المقاومة.
وأشارت المصادر إلى أن حماس تعتبر ملف الأطباء رمزًا إنسانيًا يجب إدراجه ضمن الصفقة النهائية، بينما أبدت إسرائيل تحفظًا أوليًا عليه بحجة "تورطهم في أنشطة غير إنسانية"، وفق روايتها الرسمية.

الموقف الإسرائيلي.. قبول مبدئي وتحفظات أمنية

من جانبها، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) وافق على دراسة الإفراج عن بعض الأسرى السياسيين، لكنه استبعد نحو 25 اسمًا من القادة البارزين الذين تعتبرهم إسرائيل "ممنوعين أمنيًا من الإفراج عنهم"، بينهم شخصيات من حماس والجهاد الإسلامي وفتح.

وأشار التقرير إلى أن قائمة الأسرى الذين سيُفرج عنهم ضمن الصفقة النهائية قد تشمل 195 أسيرًا محكومًا بالمؤبد، بينما ما يزال ملف القادة الكبار قيد التفاوض المباشر بين حماس والوسطاء المصريين والقطريين، وسط متابعة أمريكية دقيقة لتطورات المحادثات.

دور مصر والوسطاء.. شرم الشيخ مركز القرار

تواصل القاهرة أداء دورها المحوري في إدارة المفاوضات من خلال لقاءات مكثفة تُعقد داخل مدينة شرم الشيخ، حيث يجتمع وفد حماس برئاسة قيادات بارزة من الجناح السياسي مع مسؤولين مصريين وأمريكيين وقطريين، إلى جانب حضور ممثلين من الأمم المتحدة.

وأكدت مصادر دبلوماسية أن اليوم الثاني من المفاوضات ركز بشكل رئيسي على "خرائط الانسحاب وجدولة الإفراج عن الأسرى"، فيما تعمل الأطراف الوسيطة على تخفيف حدة الخلافات بين الجانبين حول ترتيب مراحل التنفيذ.

صفقة القرن الجديدة؟

يرى مراقبون أن ملف تبادل الأسرى الحالي لا يقل أهمية عن أي اتفاق سياسي شامل، نظرًا لتأثيره المباشر على مستقبل العلاقة بين إسرائيل وحماس، وعلى موازين القوى داخل الساحة الفلسطينية.
ففي حال نجحت الصفقة وشملت الإفراج عن شخصيات بحجم البرغوثي وسعدات، فإنها ستُعيد تشكيل الخريطة السياسية الفلسطينية، وربما تفتح الطريق أمام مصالحة وطنية جديدة بين الفصائل الفلسطينية برعاية مصرية.

أما من الجانب الإسرائيلي، فإن الصفقة تمثل اختبارًا سياسيًا حساسًا لحكومة نتنياهو التي تواجه انتقادات داخلية حادة بشأن تعاملها مع ملف الأسرى منذ بداية الحرب.

عقبات امنية وسياسية في ملف الأسري

ملف تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل يقترب من لحظة الحسم، لكن الطريق لا يزال مليئًا بالعقبات السياسية والأمنية.
وبين الإفراج عن رموز وطنية مثل البرغوثي وسعدات، واستعادة جثة السنوار، وإدراج ملفات إنسانية كالأطباء المعتقلين، تتقاطع السياسة مع المشاعر الوطنية في واحدة من أعقد جولات التفاوض في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

ويبقى السؤال: هل ستقبل إسرائيل بهذه الشروط، أم أن الصفقة ستبقى رهينة الحسابات السياسية إلى أجل غير مسمى؟