الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

أسرار السياسة

نرمين نبيل تكتب : غزة تفرح.. انتصر السلام على الدمار بحنكة القيادة المصرية

الكاتبة الصحفية - نرمين نبيل
بقلم -نرمين نبيل -

وجوه أنهكها الخوف.. وعادت تبتسم

فرحة أهالي غزة بوقف إطلاق النار كانت مشاهد لا توصف وجوه أنهكها الخوف تحولت في لحظة إلى بسمة، وقلوب اعتادت دويّ القنابل عادت تنبض بالأمل. الأطفال يرفعون الأعلام، والنساء يهللن، وكبار السن ينظرون إلى السماء شاكرين ربهم على هدنةٍ انتظروها طويلاً. لم تكن مجرد فرحة عابرة، بل كانت ميلاد حياة جديدة بعد شهور من القهر والدمار، ورسالة تقول إن اهل غزة مهما تألموا، لن يفقدوا الأمل

غزة التى عانت الأمرين بين حماس والاحتلال

لقد عانى أهل غزة الأمرّين، من احتلالٍ لا يرحم، ومن قيادة حماس التي زجّت بالمدنيين في أتون صراعاتها السياسية وجعلت من المعاناة اليومية واقعًا مفروضًا. وجاء الوقت أخيرًا ليتنفسوا الهدوء بعيدًا عن الشعارات والمزايدات، وليعيشوا كما يستحقون: في أمانٍ وبلا خوف. فالشعب الغزّي لا يبحث عن سلطة أو شعارات، بل عن فرصة بسيطة للحياة الكريمة.

أصوات الحرب.. تقتات على الدمار

ورغم كل هذا، خرجت منذ ايام أصوات غاشمة تدعو لاستمرار الحرب وكأنها تتغذى على الدمار والدماء. تلك الأصوات لا ترى وجع الأمهات ولا بكاء الأطفال، بل تكتفي بالشعارات الجوفاء التي لا تبني وطنًا ولا تحفظ كرامة. وفي سلوك مشين وخطير، ظهرت دعوات لإلغاء اتفاقات سلام تاريخية مثل كامب ديفيد وهتافات من بعض الأطراف أمام نقابة الصحفيين تدعو إلى المزيد من التصعيد. الحرية مكفولة للجميع، والاختلاف السياسي مشروع، لكن أن نرفع شعارات الحرب بدل أن نصون الحياة فهذا شيء غير مقبول إنه دعوة للخراب لا للحل. احترام الحريات لا يعني الترويج للعنف، والديمقراطية تحتاج إلى مسؤولية قبل أن تكون حقًا.

حكمة القيادة المصرية.. تصنع المستقبل

وراء هذه الفرحة يقف جهد مصري صادق لا يمكن إنكاره. مفاوضات شرم الشيخ، التي قادها الرئيس المصري بحكمة بالغة، أعادت للعالم الإيمان بأن صوت العقل لا يزال ممكنًا، وأن الدبلوماسية المصرية قادرة على تحقيق ما تعجز عنه البنادق. مصر تحركت في صمت، لا بحثًا عن الأضواء بل عن النتائج، لتعيد التوازن إلى المشهد وتوقف نزيف الدم وتفتح باب الأمل.
لقد أثبتت القيادة المصرية أن السلام ليس ضعفًا كما يظن البعض، بل هو قمة القوة والحكمة. أن تُطفئ نار الحرب أصعب من إشعالها، وأن تُقنع الأطراف المتنازعة بالجلوس إلى الطاولة يحتاج إلى شجاعة تفوق شجاعة الميدان.
اليوم، من حق غزة أن تفرح، ومن حق العالم أن يُشيد، ومن حق مصر أن تفخر بدورها الثابت. فما يُؤخذ بالسلام أفضل وأبقى مما يُؤخذ بالحرب؛ فالحرب تترك وراءها الدمار، أما السلام فيزرع الأمل ويبني المستقبل.