الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

أسرار السياسة

بطلب من إسرائيل.. واشنطن تتراجع عن حضور مفاوضات باريس حول غزة

ماكرون
-

أثار قرار وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بعدم حضور مفاوضات باريس بشأن الحكم الانتقالي في قطاع غزة جدلاً واسعاً وتساؤلات حول النوايا الحقيقية لإسرائيل من وراء هذا الطلب المفاجئ، خاصة أن الخطوة جاءت في وقت حساس تشهد فيه المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس في مصر تقدماً ملحوظاً.

ضغوط إسرائيلية لإقصاء واشنطن عن باريس

وفقاً لما نشره موقع أكسيوس الأمريكي، نقلاً عن ثلاثة مصادر مطلعة، فإن إسرائيل طالبت إدارة ترامب بعدم مشاركة روبيو في اجتماع باريس المقرر عقده الخميس، لمناقشة خطة إدارة غزة بعد الحرب.
وقالت المصادر إن الطلب الإسرائيلي تم عبر قنوات متعددة خلال 24 ساعة فقط، ما يدل على استعجال تل أبيب في منع أي تدخل أمريكي مباشر في المباحثات الأوروبية.

وفيما ذكرت رويترز سابقاً أن روبيو كان سيحضر الاجتماع لمناقشة مستقبل الحكم في غزة، تؤكد التسريبات الجديدة أن القرار تم بطلب مباشر من الحكومة الإسرائيلية التي تخشى، بحسب محللين، من تحول المفاوضات في باريس إلى مسار موازٍ لخطة ترامب.

موقع: بطلب من إسرائيل روبيو لن يحضر مفاوضات غزة في فرنسا

خطة ترامب و"التحفظ" الإسرائيلي

الخطة الأمريكية التي أعلن عنها الرئيس دونالد ترامب في نهاية سبتمبر الماضي تضمنت 20 بنداً، أهمها:

  • وقف إطلاق النار الفوري مقابل إطلاق الأسرى خلال 72 ساعة.

  • إدارة قطاع غزة بواسطة سلطة تكنوقراطية دولية لا تضم حركة حماس أو أي فصائل فلسطينية.

  • إشراف دولي بقيادة الولايات المتحدة على إعادة إعمار غزة ومراقبة تنفيذ الاتفاق.

ويرى مراقبون أن إسرائيل تتحفظ على مشاركة أطراف دولية أخرى في رسم مستقبل غزة، لأنها تريد الاحتفاظ بزمام المبادرة الميدانية والسياسية إلى حين استكمال أهدافها الأمنية، وهو ما يفسر رفضها لحضور روبيو في اجتماع باريس الذي دعت إليه فرنسا بمشاركة دول أوروبية وعربية.

هل تخشى إسرائيل تقويض مفاوضات شرم الشيخ؟

تخشى تل أبيب أن تتحول مفاوضات باريس إلى منصة بديلة تخفف الضغط الدولي عليها أو تمنح الشرعية لمقترحات لا تتماشى مع رؤيتها لـ"غزة ما بعد الحرب".
فبحسب التقرير، يرى مسؤولون إسرائيليون أن أي حديث عن حكم انتقالي في باريس قد "يقوض" الجهود الجارية في مصر، حيث تشارك وفود من حماس وإسرائيل ومصر وقطر وتركيا في محادثات غير مباشرة تحت إشراف أمريكي غير معلن.

ويرى محللون أن إبعاد واشنطن عن باريس ربما يكون جزءًا من محاولة إسرائيلية لعزل الأوروبيين ومنعهم من تبني صيغة حكم مدني أو دولي لغزة تتناقض مع مصالحها الأمنية.

قراءة في النوايا الإسرائيلية

توقيت الطلب الإسرائيلي يكشف عن قلق من فقدان السيطرة السياسية على مرحلة ما بعد الحرب، خاصة أن المجتمع الدولي بدأ يتحدث بوضوح عن ضرورة إنهاء الاحتلال وتشكيل سلطة فلسطينية موسعة في غزة والضفة الغربية.

ورغم أن إسرائيل تزعم أن رفضها لحضور واشنطن يأتي "حفاظًا على وحدة المسار التفاوضي في مصر"، إلا أن مراقبين يرون أن الحقيقة أعمق، فتل أبيب تسعى لتأجيل أي مناقشات جدية حول إعادة إعمار غزة أو قيام الدولة الفلسطينية إلى ما بعد تثبيت سيطرتها الأمنية الكاملة.

إلى أين تتجه المفاوضات؟

من المقرر أن تستمر المحادثات المصرية – القطرية – التركية – الأمريكية مع وفدي إسرائيل وحماس حتى نهاية الأسبوع، في محاولة لتطبيق خطة ترامب المكونة من 20 نقطة، بينما يبدو أن اجتماع باريس قد يفقد بريقه بعد غياب واشنطن عنه.

ومع تزايد الخلافات بين المحاور الدولية، يظل الملف الفلسطيني رهينة التجاذبات بين واشنطن وتل أبيب من جهة، وأوروبا والدول العربية من جهة أخرى، في وقت يدفع فيه المدنيون في غزة الثمن الأكبر.