الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

أسرار السياسة

نقيب المحامين: اعتراض النقابة على قانون الإجراءات الجنائية يتوافق مع توجهات الرئيس نحو إصلاح منظومة العدالة

عبد الحليم علام
-

أكد عبد الحليم علام، نقيب المحامين ورئيس اتحاد المحامين العرب، أن عقد المؤتمر اليوم يأتي في إطار حرص نقابة المحامين على توضيح وجهة نظرها بشأن تعديلات مشروع قانون الإجراءات الجنائية، وحرصها على تقديم رؤيتها القانونية للرأي العام، بما يعكس دورها الوطني في دعم العدالة وسيادة القانون.
وأشار علام إلى أن المؤتمر يهدف أيضًا إلى تسليط الضوء على الملاحظات الجوهرية التي أبدتها النقابة بشأن عدد من المواد محل الاعتراض الرئاسي، وعلى رأسها المادة (105)، التي تتعلق بحضور المحامي أثناء التحقيقات، مؤكدًا أن النقابة ترى في هذه المادة مساسًا جوهريًا بحق الدفاع، وهو حق أصيل مكفول بموجب الدستور والمعايير الدولية لضمانات المحاكمة العادلة.

نقيب المحامين: اعتراض النقابة على قانون الإجراءات الجنائية يتوافق مع توجهات الرئيس نحو إصلاح منظومة العدالة

جاء ذلك بحضور خالد البلشي نقيب الصحفيين والنائبة مها عبد الناصر وعصام شيحة عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان وطارق العوضي، عضو لجنة العفو الرئاسي وآخرين.

وقال عبد الحليم علام نقيب المحامين، إن نقابة المحامين تلقت مذكرة اعتراضات رئيس الجمهورية على بعض مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية، وعددها ثماني مواد من إجمالي 552 مادة، والذي جاء وفقًا للحق الدستوري المقرر له، وكانت خطوة نُثمّنها جميعًا، إذ بدا من نصوصها الواضحة إدراكًا واعيًا من لخطورة هذا التشريع، وأثره البالغ على منظومة العدالة الجنائية برمتها، وبما أكد لنا حرص القيادة السياسية على المراجعة والتدقيق لهذه النصوص لتعزيز الضمانات الإجرائية والدستورية المقررة للمتهمين، وإضافة المزيد إليها، ليجعل من هذا القانون المرتقب أداة حقيقية لتحقيق العدالة الناجزة في إطار من الشرعية الدستورية.

وأكمل خلال كلمته: إلا أننا فوجئنا بوزارة العدل تعرض صياغات مقترحة للمواد محل الاعتراض، تتضمن استثناءات أقل ما يقال عنها إنها تخالف نصوص الدستور المصري الحالي، وتُخالف ما جاء بالمذكرة الرئاسية نصًا وهدفًا.


وأضاف أن مضمون نص المادة (105) من المشروع المعروض هو وجوب حضور المحامي مع المتهم حال استجواب الأخير أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود، ووجوب دعوة المحامي إلى ذلك التحقيق، فإن لم يكن للمتهم محامٍ نُدب له محامٍ من قِبل جهة التحقيق.

وعرض نقيب المحامين ما حدث من مناقشات باللجنة المشتركة والتي عقدت بمجلس النواب قائلا: إن اللجنة المشتركة تلقت عدة مقترحات على هذه المادة، أولها مقترح بإضافة عبارة (أو يجري أي عمل آخر من أعمال التحقيق مع المتهم أو في مواجهته بعد كلمة (الشهود)، حيث رفضت اللجنة المشتركة المقترح باعتبار أن الإضافة توسع غير مبرر ولا يمكن إسناده إلى المادة (54) من الدستور التى لم تشر إلى أي إجراء أو عمل من أعمال التحقيق وإنما جاءت عبارات المادة (54) من الدستور واضحة الدلالة على انصرافها إلى بدء التحقيق مع المتهم بما ينسحب على مواجهته واستجوابه تفصيليا عن الواقعة ولا يتصور أن تنصرف إلى أي إجراء من إجراءات التحقيق، فهل يتصور أن تتم جميع إجراءات جمع الأدلة من معاينة وتفتيش وخلافه بحضور المتهم ومحاميه وهو إجراء من إجراءات التحقيق.

وتابع: تقدم ممثل النيابة العامة بمقترح بالعودة إلى النص كما هو في المادة (124) من القانون الحالي أو أن يتم إضافة عبارة "إلا في أحوال الضرورة التي يتعذر فيها حضور محام بشرط اثبات ذلك في المحضر في نهاية الفقرة الأولى من المادة ، مشيراً إلى أنه بالرغم من تقدير النيابة العامة للالتزام الدستوري إلا أن هناك صعوبات متوقعة ستواجهها النيابة العامة خاصة في بعض الأماكن النائية والتي لا يوجد في نياباتها مقار نقابة محامين فرعية مما يؤدي إلى تعذر حضور المحامي المنتدب في ساعات متأخرة من الليل أو تحتاج مدة زمنية أكثر من الـ 24 ساعة لحضوره، ليؤكد نقيب المحامين التزام النقابة بمعالجة هذه الإشكالية.

وأشار نقيب المحامين إلى أن المستشار وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي أكد أن هذا النص يتعين أن يوازن بين الالتزام الدستوري من جانب والاعتبارات العملية التي تفضل بها ممثل النيابة العامة من جانب آخر، إلا أنه وفى ضوء عدم تقدم الحكومة بنصوص بديلة لمعالجة هذه الاشكالية، وأن المقترح المقدم من ممثل النيابة العامة ينطوي على شبهة جدية بعدم الدستورية لتصادمه مع المادة (54) من الدستور، وما قد يترتب على ذلك من أثر سلبى على استقرار العدالة الجنائية بطعون معرضة للقضاء فيها بعدم الدستورية، باعتبار أن الأحكام الأمرة الوارة بالمادة (54) من الدستور هى نواه دستورية يترتب على مخالفتها البطلان، لذا ارتأت اللجنة المشتركة رفض المقترح المقدم من النيابة العامة والالتزام بالنص الدستورى باشتراط عدم جواز استجواب المتهم أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود إلا في حضور محاميه، وفي حالة عدم الحضور وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن يندب له محامياً.


أكمل نقيب المحامين أن انسحابه من اللجنة الخاصة المُشَكَّلة لمناقشة الاعتراضات الرئاسية رسالة قوية برفض ما جرى، وانحيازًا واضحًا لدولة القانون والدستور، بعد إثبات اعتراضاته بمضبطة اللجنة – من موضع المسؤولية، لكشف محاولات إضفاء الشرعية على نصوص تنال من الحقوق والحريات المكتسبة، مؤكدًا أن نقابة المحامين ستظل حصنًا منيعًا في مواجهة أي عبث بالعدالة والحريات.

وأكد أن نقابة المحامين أعلنت عن رفضها التام والمطلق لما أقدمت عليه اللجنة الخاصة بمجلس النواب من تحريف واضح عن إرادة ورؤية رئيس الجمهورية بشأن تعديلات بعض مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، وفي مقدمتها المادة (105) المذكورة، بالرغم من أنه طالب بزيادة ضمانات حق الدفاع لحماية الوطن والمواطنين وصون حُرماتهم وحرياتهم، فإن ما جرى في البرلمان يعكس توجهًا خطيرًا نحو تقويض تلك الضمانات وانتقاص الحقوق، في مخالفة صريحة للدستور الحالي ولقواعد العدالة التي استقرت عليها الدولة المصرية.