الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

الاقتصاد

مافيا القطاع الخاص.. استغلال بلا حدود وحقوق ضائعة

عمالة بالقطاع الخاص
-

شهدت السنوات الأخيرة تحوّل بعض أصحاب شركات القطاع الخاص في مصر إلى ما يشبه مافيا منظمة، لا يهمها سوى جني الأرباح الطائلة ولو على حساب حقوق العامل البسيط الذي يمثل العمود الفقري لأي عملية إنتاجية.
هذا الاستغلال الممنهج جعل العامل المصري يقف في مواجهة واقع صادم؛ واقع يفتقر إلى أبسط معايير العدالة الاجتماعية التي كفلها له القانون والدستور.

حقوق غائبة وضياع ممنهج

1. لا تأمينات اجتماعية

الكثير من الشركات تتجاهل تسجيل الموظفين في التأمينات الاجتماعية، لتتملص من التزاماتها تجاههم عند المرض، أو حوادث العمل، أو حتى بعد التقاعد.
العامل الذي يُصاب داخل المصنع أو المكتب يجد نفسه فجأة بلا حماية، وكأن مجهوده وعرقه لم يكن له أي قيمة.

2. غياب العمولات والبدلات

شركات المبيعات والخدمات بشكل خاص تلجأ إلى التلاعب في نظام العمولات، إما بتقليصها بشكل غير عادل أو بحرمان الموظف منها كليًا.
إلى جانب ذلك، يتم تجاهل صرف بدل المواصلات أو بدل المخاطر، ما يزيد من الأعباء المالية على الموظفين الذين يواجهون غلاء المعيشة دون دعم.

3. حرمان من الإجازات

بينما تُعلن الدولة عن الإجازات الرسمية، تمر هذه المناسبات على بعض الشركات وكأنها أيام عمل عادية. أما الإجازات السنوية، فهي حلم بعيد المنال، لا يحصل عليها إلا من يجرؤ على التضحية بوظيفته.

4. الفصل التعسفي

من أبرز مظاهر الظلم في القطاع الخاص هو الفصل التعسفي.
العامل قد يُفصل في أي لحظة ودون سابق إنذار أو تعويض عادل، لتذهب سنوات من جهده وتعبه هباءً، تاركًا وراءه أسرة بلا مصدر رزق.

غياب الرقابة.. المشكلة الأعمق

القوانين المصرية موجودة وتمنح العامل حقوقًا واضحة، لكن التنفيذ على أرض الواقع ضعيف للغاية.
العديد من الشركات تتصرف وكأنها فوق القانون، مستغلة ضعف الرقابة وغياب آليات المتابعة الجادة، لتبقى الضحية دائمًا هو العامل.
ووسط هذه الفوضى، يجد آلاف الشباب أنفسهم مضطرين لقبول الظلم، خوفًا من شبح البطالة أو ضياع مصدر الرزق الوحيد.

الحلول المقترحة

لمواجهة هذه الظاهرة التي باتت تهدد استقرار سوق العمل المصري، يجب تبني خطوات عملية وحاسمة، منها:

  • تشديد الرقابة من وزارة القوى العاملة على الشركات المخالفة عبر حملات تفتيش دورية.

  • تغليظ العقوبات على أصحاب الشركات الذين يتهربون من التأمينات أو يهدرون حقوق الموظفين.

  • إطلاق خطوط ساخنة لتلقي شكاوى العمال بشكل سري وآمن، بما يضمن حمايتهم من الانتقام الوظيفي.

  • رفع الوعي القانوني بين الشباب بحقوقهم، حتى لا يكونوا ضحايا سهلة للاستغلال.

واقع يومي يعيشه آلاف الشباب المصريين داخل مكاتب ومصانع وشركات

إن ما يُسمى بـ "مافيا القطاع الخاص" ليس مجرد تعبير صحفي، بل هو واقع يومي يعيشه آلاف الشباب المصريين داخل مكاتب ومصانع وشركات لا ترى في العامل سوى أداة لزيادة الأرباح.
ما لم يتم وضع حد لهذه الانتهاكات عبر تدخل الدولة بشكل جاد، سيظل العامل المصري هو الحلقة الأضعف، بلا حقوق ولا ضمانات، في وطن من المفترض أنه يحمي أبناءه ويصون كرامتهم.