الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

أسرار السياسة

الأمم المتحدة بعد 80 عامًا: هل قيدها الفيتو عن حماية الإنسانية وفلسطين أبرز الشواهد؟

اعلان تأسيس الامم المتحدة
-

بعد ثمانية عقود مضت على تأسيس الأمم المتحدة في مؤتمر سان فرانسيسكو عام 1945، حيث اجتمعت خمسون دولة لتضع ميثاق المنظمة الدولية، التي وُلدت على وعدٍ كبير بأن تكون المظلة الحامية للسلم والأمن الدوليين، وصون حقوق الإنسان، ودعم الشعوب في تقرير مصيرها. لكن مع حلول الذكرى الثمانين، يطفو على السطح سؤال جوهري: هل ما زالت الأمم المتحدة صالحة لحماية الإنسانية بعد أن عجزت مرارًا عن وقف المأساة الفلسطينية بسبب الفيتو؟

فلسطين في قلب الوعد الأممي

منذ اللحظة الأولى، حضرت فلسطين في أجندة المنظمة الدولية. ففي عام 1947، أصدرت الجمعية العامة قرارها الشهير بتقسيم فلسطين بأغلبية 33 صوتًا مقابل 13 وامتناع 10 أعضاء. تلاه بروز قضية اللاجئين الفلسطينيين بين 1948 و1950 كواحدة من أولى القضايا الإنسانية التي شغلت المجتمع الدولي، إلى جانب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

مؤتمر سان فرانسيسكو حيث اجتمعت ممثلو 50 دولة لوضع ميثاق الأمم المتحدة.

لكن رغم كثافة القرارات والتوصيات الأممية، لم يتحول هذا الحضور إلى إنصاف فعلي. فما زالت نصوص حق العودة، ومداولات الجمعية العامة، وخطابات الأمناء العامين، عاجزة عن توفير حماية حقيقية للفلسطينيين، لتغدو فلسطين المرآة الأوضح لعجز المنظمة.

مدارس الأونروا وجهود الإغاثة

على المستوى الإنساني، لعبت الوكالات الأممية، وعلى رأسها الأونروا، دورًا في توفير التعليم والإغاثة الطبية لملايين اللاجئين الفلسطينيين. من مدارس جبل الحسين في الأردن عام 1961، إلى مدارس الوحدات في عمان، وصولًا إلى دعم اللاجئين في غزة والضفة ولبنان وسوريا. لكن هذه الجهود كثيرًا ما اصطدمت بالقصف الإسرائيلي الذي استهدف مدارس ومستشفيات، وسوّى منازل بالأرض، ما جعل المنظمات الأممية عاجزة عن وقف النزيف.

الفيتو.. عقدة مجلس الأمن

أبرز ما كشف عجز الأمم المتحدة هو حق النقض (الفيتو) الذي تملكه الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن. ففي كل مرة اقتربت القضية الفلسطينية من الحصول على قرار ملزم، تدخل الفيتو لإجهاض المسار.
كان أحدثها حين استخدمت الولايات المتحدة الفيتو لإسقاط مشروع قرار يطالب بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة، ورفع القيود عن وصول المساعدات الإنسانية، وهو ما جسّد الشلل السياسي الذي يعيق دور المجلس.

الإصلاح ضرورة أممية

مع بلوغ الأمم المتحدة ثمانين عامًا، تتعالى الأصوات المطالبة بإصلاح آليات عملها. فالعالم اليوم بحاجة إلى منظمة قادرة على تجاوز قيود الفيتو، وتفعيل قراراتها بما يضمن حماية المدنيين وإنصاف الشعوب. وفلسطين تقف في صدارة الاختبار: هل تبقى ضحية لعجز المنظومة الدولية، أم تكون دافعًا لإصلاحها واستعادة دورها؟

مؤتمر سان فرانسيسكو حيث اجتمعت ممثلو 50 دولة لوضع ميثاق الأمم المتحدة.

الفيتو حوّل قراراتها إلى نصوص بلا قوة وأفقدها ثقة الملايين الباحثين عن العدالة

الأمم المتحدة وُلدت بوعد كبير عام 1945 لكنها وصلت إلى عامها الثمانين محمّلة بإخفاقات عجزت عن إخفائها، وعلى رأسها مأساة الشعب الفلسطيني. الفيتو حوّل قراراتها إلى نصوص بلا قوة، وأفقدها ثقة ملايين البشر الذين يبحثون عن العدالة. الإصلاح لم يعد خيارًا بل ضرورة، كي تستعيد المنظمة دورها في حماية السلم الإنساني العالمي.