مواقف عربية لاتتجاوز الإطار البروتوكولي.
هل تختبر إسرائيل قمة الدوحة بتصعيد جديد في غزة؟.. تساؤلات حول الموقف العربي ودور الدول الموقعة على اتفاقيات أبراهام

لم يكد يمر عدد قليل من الساعات على اختتام قمة الدوحة التي حظيت باهتمام إقليمي ودولي واسع حتى اشتعلت سماء غزة مجدداً بسلسلة غارات إسرائيلية مكثفة الغارات الهمجية أثارت تساؤلات حادة: هل جاء التصعيد الإسرائيلي كرسالة اختبار مباشرة لمخرجات القمة العربية؟ وهل تعكس هذه الغارات إصرار تل أبيب على التأكيد بأن قرارات القمم العربية لا تشكل أي ضغط عملي عليها؟
غزة تشتعل بعد القمة
التصعيد الإسرائيلي على غزة جاء في توقيت حساس للغاية عقب قمة عربية بالدوحة إذ شنّت الطائرات والمدفعية الإسرائيلية غارات متتالية في شمال القطاع وشرقه، استهدفت منازل ومقار مدنية إلى جانب مواقع تدّعي إسرائيل أنها عسكرية. المشهد بدا وكأنه رد عملي على الخطابات الحماسية التي ألقيت في قمة الدوحة، حيث دعا القادة العرب لوقف العدوان وتوفير حماية للشعب الفلسطيني.
قراءة سياسية للتوقيت
من الناحية السياسية، يرى محللون أن إسرائيل تعمدت توقيت الغارات لتوجيه رسائل متعددة:
-
الأولى: إظهار أن القمة العربية مجرد "فض مجالس" وأن البيانات الختامية لا تغير واقع الميدان.
-
الثانية: التأكيد على أن تل أبيب تتحكم في إيقاع التصعيد والتهدئة وفقاً لمصالحها الداخلية والخارجية.
-
الثالثة: اختبار مدى جدية الدول العربية في ترجمة بياناتها إلى خطوات عملية، خاصة الدول التي لها علاقات مباشرة مع إسرائيل.
موقف الدول الموقعة على اتفاقيات أبراهام
المعادلة المعقدة تزداد وضوحاً عند النظر إلى مواقف الدول العربية الموقعة على اتفاقيات أبراهام (الإمارات، البحرين، المغرب، السودان):
-
الإمارات اكتفت ببيانات دبلوماسية متوازنة تدعو للتهدئة وتجنب التصعيد، مؤكدة التزامها بدعم الاستقرار الإقليمي دون الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل.
-
البحرين شددت على ضرورة احترام القرارات الدولية وحماية المدنيين، لكنها لم تُظهر مواقف تتجاوز الإطار البروتوكولي.
-
المغرب التزم سياسة الحياد الحذر، مفضلاً التركيز على وساطات إنسانية وإغاثية أكثر من الخوض في صدام سياسي.
-
السودان، المنهمك في أزماته الداخلية، لم يقدم موقفاً صلباً، بل ترك الباب مفتوحاً أمام بيانات جماعية دون تحرك فردي مؤثر.
هذا التباين يكشف أن اتفاقيات أبراهام أوجدت هامشاً من الحذر لدى هذه الدول في انتقاد إسرائيل بشكل مباشر، مما يُضعف الموقف العربي الجماعي أمام التصعيدات المتكررة.
مصر والأردن.. الاستثناء
على الجانب الآخر، تبدو مصر والأردن – باعتبارهما الدولتين العربيتين المرتبطتين بمعاهدات سلام قديمة مع إسرائيل – أكثر وضوحاً في مواقفهما. مصر كررت الدعوة لوقف التصعيد وحذرت من "انفجار شامل" في غزة، فيما أكد الأردن أن استمرار الغارات ينسف أي فرص للتهدئة الإقليمية.
التصعيد اختبار سياسي لإرادة الدول العربية مجتمعة
تصعيد غزة عقب قمة الدوحة ليس مجرد حدث عسكري، بل اختبار سياسي لإرادة الدول العربية مجتمعة، وخاصة الدول الموقعة على اتفاقيات أبراهام. وإذا لم تتحول البيانات الختامية إلى آليات ضغط حقيقية، فإن إسرائيل ستواصل سياسة فرض الأمر الواقع، بينما تبقى القمم العربية في نظر الشعوب مجرد مسرحيات سياسية بلا أثر فعلي.