ياسين غلاب يكتب : التتار والصليبيون الجدد وقدر المحروسة.. مصر بين قدر التاريخ ورسالة الحاضر

وكأن المحروسة على قدر. كلما انحرف العالم وجن جنونه تهب مصر كطائر العنقاء لتعيده إلى صوابه من جديد. لا أومن بتحليلات السياسيين في أن ما يجري في المسلخ البشري بغزة؛ بل كل فلسطين الجريحة منذ مائة عام؛ لصالح رجل مجنون يريد أن يتوج ملكًا على أرض مسروقة. التحليلات والحرب الإعلامية لا تعدو إلا كونها قشرة باهتة لإخفاء الصراع المتجدد دومًا بين الحق والباطل؛ بين الصدق والكذب؛ بين الشرف والخيانة؛ بين مصر المحروسة والطامعين فيها وفي جوارها.
يدور الزمان دورته ويعود الهكسوس والفرس والتتار والصليبيون لكن في ثياب جديدة فقط. قدر مصر أن لا تعيش في سلام؛ منذ أن كانت واحة وارفة الظلال ومن حولها من رعاة وبدو يغيرون ولا يكادون يتوقفون. وصف جمال حمدان الصراع المستمر إلى ما لا نهاية بصراع الطين والرمل، بصراع الحضارة والبداوة، بصراع الزراع والبدو والرعاة. هكذا مصر وستظل، حافظة للحضارة وحارسة للإنسانية.
عارضت مصر أمريكا في 70% من القرارات التي كانت تريد تمريرها في الأمم المتحدة
ويبدو أن الغرب لم يسأم ولم يتعظ من الدروس. فقد قادت مصر مسار تقليص الاستعمار؛ وقد قلصته؛ وظلت دومًا تفهمه وتحذر منه؛ وتتبع خطاه وترصد آثاره؛ قاومته بالعصا والفأس وبالخناجر وبالسيوف وقاومت بالسلاح الحديث وبالدبلوماسية. عارضت مصر أمريكا في 70% من القرارات التي كانت تريد تمريرها في الأمم المتحدة. اليوم وفي مناورات النجم الساطع المقبلة..تقول المحروسة لأمريكا: هانحن هنا يختبر بعضنا بعضًا ويراقب بعضنا بعضًا ولا نخشاكي كما لا نخشى حاملة طائراتكم وقاعدتكم "إسرا.ئيل".
مجنون بني إسراء.يل
في ذات التوقيت، تشق الدبابات والمدرعات رمال سيناء لتقف على في الاتجاه الشمالي الشرقي؛ تصوب فوهاتها عسى أن يرتدع مجنون بني إسراء.يل ويتوقف عن حمامات الدم؛ التي تخرج من أجساء النساء والأطفال، لا من أجساد نظرائهم من الحمساووين المختبئين في الأنفاق؛ ويصرح بدر بن العاطي الصعيدي: لقد تجبرت إسراء.ئل ويجب إجبارها على الالتزام.
المحروسة لم تخف ولم تخور؛ لم تجبن ولم تغض طرفها
رغم اختلاف الظروف حيث صار العمق الاستراتيجي حده السلك الشائك ورغم بعض المشكلات في الاقتصاد؛ ورغم العروض المغرية التي عرضها لابيد النصاب وغيره؛ ورغم خيانة الأشقاء؛ أو قل على الأقل؛ تركوا القاهرة وحدها تواجه بمفردها التتار والصليبيين الجدد؛ إلا أن المحروسة لم تخف ولم تخور؛ لم تجبن ولم تغض طرفها؛ ولو كشف الأرشيف المصري وأظن أنه سيكشف في القريب العاجل؛ ما لم يثب كل من هؤلاء إلى رشده، لتكون الفضيحة على مرأى ومسمع من الكون كله.
وآن للإخوان المارقين أو بعضهم أن يتوبوا ويعودوا عن طريق غيهم؛ فمن يقفون إلى جانبهم باعوهم في غزة ولا يغرنهم أنهم لا يزالون يساندونهم في سوريا وليبيا وفي اليمن والسودان وحتى في بلوشستان إيران؛ يومئد لن ترحمهم الشعوب قبل الجيوش؛ وساعتها لن يكون لهم مكان يحكم فيه أحدهم زوجته ناهيك عن متر من الأرض. الأرض التي يرونها حفنة من تراب عفن.