الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

المنوعات

ماسبيرو.. منبر مصر العريق الذي تحوّل إلى مؤسسة تدار بالفشل والمحسوبية

الكاتبة الصحفية- نرمين نبيل
بقلم -نرمين نبيل -

ماسبيرو الذي كان يوماً صرحاً إعلامياً شامخاً وصوت مصر وصورتها أمام العالم أصبح اليوم كياناً مترهلاً ينهشه الفساد الإداري والمحسوبية وتسيطر عليه عقلية عقيمة لا ترى في الكفاءة معياراً للقيادة بل الولاء الشخصي والمصالح الضيقة. المؤسسة العريقة التي طالما كانت أهم منصة إعلامية في الشرق الأوسط تعيش اليوم أسوأ مراحلها حيث تسود القرارات العشوائية ويغيب عنها التخطيط الاستراتيجي لتتحول تدريجياً إلى مبنى يملؤه الصمت والانهيار.

استبعاد الكفاءات القادرة على صنع الفارق.

إدارة ماسبيرو لم تكتفِ بعدم إصلاح الوضع بل أصرت على إبقاء وجوه فشلت عبر سنوات طويلة في إدارة قطاعات المبنى بينما تم تهميش واستبعاد كل الكفاءات القادرة على صنع الفارق. هذه السياسة جعلت من المؤسسة العريقة مجرد ساحة مغلقة تتحكم فيها مجموعة من رؤساء القطاعات الذين يمارسون السلطة المطلقة بلا أي رقابة أو محاسبة حقيقية، وهو ما حول بيئة العمل إلى دائرة قائمة على المزاج الشخصي والقرارات الفردية.

فى ذكرى انطلاقه .. من قناة واحدة إلى عصر الفضائيات .. محطات تطوير ماسبيرو |  مبتدا

النتيجة المباشرة لهذه الإدارة المرتبكة كانت استقالات متتالية من الكفاءات التي لم تجد لنفسها مكاناً في هذا المناخ المسموم، بالإضافة إلى شكاوى موثقة تصل بشكل يومي إلى مكتب رئيس الهيئة لكنها لا تلقى أي استجابة حقيقية وكأن المؤسسة محصنة ضد الإصلاح.

صورة مصر أمام الداخل والخارج على حد سواء

الأزمة لم تعد مجرد خلافات إدارية أو قصور في بعض الأداء، بل تحولت إلى كارثة وطنية بكل المقاييس. فحين تنهار المنظومة الإعلامية الرسمية للدولة فإن ذلك ينعكس على صورة مصر أمام الداخل والخارج على حد سواء. ماسبيرو اليوم بلا روح، شاشاته لم تعد مرآة للمجتمع ولا منبراً للتنوير بل صور باهتة تفتقد المصداقية والجاذبية.

الإصلاح يحتاج إلى إعادة الاعتبار للعقول والخبرات التي تم تهميشها

إنقاذ ماسبيرو لم يعد خياراً ترفيهياً بل ضرورة وطنية، يبدأ أولاً من المحاسبة الحقيقية وإقصاء الفاشلين الذين تسببوا في هذا التدهور المستمر. الإصلاح يحتاج إلى إعادة الاعتبار للعقول والخبرات التي تم تهميشها وإلى إعادة صياغة فلسفة الإدارة لتقوم على المهنية والكفاءة لا على الولاء والانتماءات الشخصية.

مواجهة الفساد الإداري بقرارات شجاعة تضع مصلحة الوطن قبل أي اعتبار

مستقبل الإعلام المصري لن يُبنى على أطلال ماسبيرو إلا إذا تمت مواجهة الفساد الإداري بقرارات شجاعة تضع مصلحة الوطن قبل أي اعتبار آخر. فاستمرار النهج الحالي القائم على القمع الإداري واغتيال الكفاءات لا يعني سوى كتابة حكم إعدام رسمي لتاريخ إعلامي صنع مجد مصر لعقود طويلة.

ماسبيرو يستحق الإنقاذ، لكنه لن يُنقذ إلا إذا تغيّرت قواعد اللعبة وتمت محاسبة كل من تلاعب بمصيره وحوّله من منبر وطني إلى مؤسسة تدار بالفشل.