الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

الحوادث

جريمة أطفال دلجا بالمنيا.. تفاصيل صادمة عن تسميم 6 أطفال ووالدهم والنيابة تحقق مع زوجة الأب الثانية

الاب وابنائة ضحايا دلجا
-

لم تكن قرية دلجا التابعة لمركز ديرمواس بمحافظة المنيا تتوقع أن تستيقظ على واحدة من أبشع الجرائم التي شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة. فالقصة بدأت في 11 يوليو الماضي بوفاة طفل صغير من أبناء القرية في ظروف غامضة. وبعد ساعات قليلة، لحق به شقيقان آخران في نفس الليلة، ما أثار الريبة والقلق بين الأهالي. وفي اليوم التالي، توفي الطفل الرابع داخل العناية المركزة بالمستشفى، لتتوالى الوفيات واحدة تلو الأخرى، حتى فارقت الطفلة الخامسة الحياة بعد أربعة أيام، ثم الطفلة السادسة بعد عشرة أيام. وفي النهاية، أصيب الأب بنفس الأعراض المميتة، ليلحق بأطفاله الستة، لتتحول الواقعة إلى مأساة إنسانية هزت الرأي العام.

التحقيقات الطبية والشكوك الأولى

في البداية، ربطت بعض التقارير الطبية بين الوفيات ومرض التهاب السحايا، خاصة مع تشابه الأعراض التي عانى منها الضحايا، كالحمى الشديدة والتشنجات. إلا أن وزارة الصحة نفت هذا الاحتمال بعد إرسال فريق طبي متخصص لفحص المنزل والبيئة المحيطة بالأسرة. وبعد أسابيع من الفحص والتحليل، جاءت نتائج المعامل الطبية والطب الشرعي لتكشف مفاجأة مدوية: جميع الضحايا تعرضوا للتسمم بمادة كيميائية شديدة السمية.

تقرير الطب الشرعي والمعامل الكيميائية

أكدت النيابة العامة في بيان رسمي أن تقارير الطب الشرعي أوضحت أن سبب الوفاة هو التسمم بمبيد حشري يُعرف باسم الكلوروفينابير. هذا المبيد خطير للغاية، حيث يؤدي إلى انهيار التنظيم الحراري للجسم وفشل الأجهزة الحيوية، ما يؤدي إلى توقفها الكامل ووفاة المصاب. كما أظهرت التحاليل وجود آثار هذا المبيد السام في العينات المأخوذة من أجساد المتوفين، وكذلك في بقايا الطعام وأواني الطهي المستخدمة داخل منزل الأسرة.

مفاجأة منزل الزوجة الثانية

خلال معاينة النيابة العامة برفقة خبراء الطب الشرعي، تبين أن آثار المبيد نفسه موجودة داخل أدوات الطهي ومن ضمنها أواني إعداد الخبز في منزل الزوجة الثانية للأب. هذا الاكتشاف فتح باب الشكوك على مصراعيه حول ضلوعها في الجريمة، خاصة أن الأب كان قد أعاد زوجته الأولى إلى عصمته مؤخرًا، وهو ما أثار خلافات وغيرة شديدة بين الزوجتين.

اعتراف الزوجة الثانية

عند استجوابها، أقرت الزوجة الثانية بأنها بالفعل قامت بإعداد بعض أرغفة الخبز وخلطت داخلها كمية من المبيد الحشري، ثم أرسلتها إلى منزل الزوجة الأولى حيث يقيم الأب وأطفاله. لكنها أنكرت أن نيتها كانت القتل، مؤكدة أنها أرادت فقط "الإضرار بالزوجة الأولى" بدافع الانتقام والغيرة بعد عودة زوجها لطليقته. غير أن اعترافها الصريح بخلط السم بالخبز كان كافيًا لاعتبارها المتهمة الرئيسية في الجريمة.

صدمة المجتمع وردود الأفعال

أصدرت وزارة الداخلية بيانًا أوضحت فيه أن تحريات الشرطة أكدت تورط الزوجة الثانية بشكل مباشر، وأن دافعها كان التخلص من أبناء زوجها خوفًا من فقدان مكانتها داخل الأسرة بعد عودة الزوجة الأولى. هذه التفاصيل البشعة أثارت صدمة عارمة بين الأهالي، حيث سادت حالة من الحزن والذهول في قرية دلجا، بينما عبر المصريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم من بشاعة الجريمة وتجرد المتهمة من أي مشاعر إنسانية تجاه أطفال أبرياء.

مسار القضية والإجراءات القانونية

قررت النيابة العامة حبس المتهمة 4 أيام على ذمة التحقيقات، مع توجيه اتهامات لها بالقتل العمد مع سبق الإصرار، خاصة بعد أن أثبتت تقارير الطب الشرعي والمعامل الكيميائية تورطها بشكل مباشر. ومن المتوقع أن تتم إحالتها إلى محاكمة جنائية عاجلة، مع المطالبة بتوقيع أشد العقوبات نظرًا لبشاعة الجريمة والخسائر الإنسانية الفادحة التي خلفتها.

الجريمة ارتُكبت بدافع الانتقام والغيرة العمياء

تبقى جريمة "أطفال دلجا" واحدة من أبشع الجرائم في التاريخ الحديث لمصر، ليس فقط لأنها أزهقت أرواح 6 أطفال ووالدهم، بل لأنها ارتُكبت بدافع الانتقام والغيرة العمياء التي حوّلت مشاعر إنسانية إلى مأساة جماعية. ومع استمرار التحقيقات، ينتظر الرأي العام كلمة العدالة، لتكون هذه القضية عبرة لكل من تسوّل له نفسه العبث بحياة الأبرياء أو استغلال الأزمات الأسرية في ارتكاب جرائم تقشعر لها الأبدان.