كان يتظاهر بفعل الخير
سقوط أكبر تاجر المخدرات في قنا.. من البث المباشر على فيسبوك إلى قفص الاتهام

في مشهد غير مألوف، جمع بين الثراء الفاحش المفاجئ وأعمال الخير المثيرة للجدل، ثم الانهيار المدوي في لحظة واحدة، أسدل الستار في قنا على واحدة من أكثر القضايا الجنائية إثارة للجدل خلال السنوات الأخيرة. فقد سقط تاجر المخدرات الشهير حازم العركي في قبضة الأجهزة الأمنية داخل منزله بمركز فرشوط، بعد بث مباشر على "فيسبوك" لم يكد ينتهي حتى انطلقت ضده حملة أمنية مكبرة، انتهت بضبط 50 كيلو شابو تقدر قيمتها السوقية بحوالي 30 مليون جنيه، إضافة إلى مبالغ مالية ضخمة وذهب وأسلحة وذخائر.
بداية القصة.. تاجر "فاعل خير"
القصة بدأت حين ظهر حازم العركي في سلسلة من الفيديوهات على منصات التواصل الاجتماعي، يتحدث فيها عن أعمال خيرية ضخمة، أبرزها تبرعه بملايين الجنيهات لسداد ديون الغارمات في قريته، إلى جانب إعلان نيته التبرع بمبلغ 5 ملايين جنيه لدعم مستشفى فرشوط المركزي.
هذه الظهور المفاجئ لتاجر مغمور، والحديث عن أموال طائلة في منطقة ريفية، أثار تساؤلات واسعة بين الأهالي والمتابعين، الذين انقسموا ما بين مؤيد يرى فيه "رجل الخير"، وآخرين شككوا في مصادر ثروته الضخمة.
حملة أمنية مكبرة
الأجهزة الأمنية بمديرية أمن قنا لم تنتظر طويلًا، وبعد تحريات دقيقة حول أنشطة المتهم ومصادر دخله، شُنت حملة أمنية مكبرة على منزله في مركز فرشوط.
والمفارقة أن توقيت المداهمة جاء بينما كان المتهم يظهر في بث مباشر جديد على فيسبوك، ليجد نفسه فجأة محاصرًا بقوات الأمن، وسط ذهول المتابعين الذين انقطع عنهم البث فجأة، ليتحول المشهد من "مبادرة خيرية" إلى واحدة من أكبر قضايا تجارة المخدرات.
المضبوطات.. ثروة من السموم والسلاح
خلال عملية التفتيش، عثرت قوات الأمن على مفاجآت صادمة:
-
50 كيلو جرامًا من الشابو، أخطر أنواع المخدرات الصناعية، بقيمة سوقية تتجاوز 30 مليون جنيه.
-
مبالغ مالية ضخمة بالعملتين المحلية والأجنبية.
-
كميات من الذهب يُشتبه أنها حصيلة عمليات غسيل أموال.
-
أسلحة نارية وذخائر دون ترخيص.
كل هذه المضبوطات أكدت أن ما وراء الصورة البراقة لأعمال الخير لم يكن سوى واجهة لإمبراطورية إجرامية مترامية الأطراف.
التحقيقات.. اتهامات ثقيلة
قررت جهات التحقيق بمركز فرشوط حبس المتهم 4 أيام على ذمة التحقيقات مع مراعاة التجديد في الميعاد القانوني. ووجهت له تهم الاتجار في المواد المخدرة، حيازة أموال مشبوهة، حيازة سلاح ناري وذخائر دون ترخيص، إلى جانب الاشتباه في غسل أموال عبر التبرعات المعلنة.
كما كلفت النيابة العامة وحدة المباحث بالتحري حول شبكة علاقاته، وكشف ما إذا كان هناك شركاء آخرون متورطون في تجارة المخدرات، مع تتبع حركة الأموال التي كانت بحوزته.
جدل على مواقع التواصل
القضية تحولت بسرعة إلى حديث الساعة في قنا وعلى منصات التواصل الاجتماعي. البعض رأى أن المتهم حاول استغلال أعمال الخير كغطاء لجرائمه، بينما أبدى آخرون صدمتهم من حجم الأموال التي كان يعلن عنها في بث مباشر بكل ثقة، دون أن يدرك أن هذه الفيديوهات ستكون الخيط الذي يقوده إلى السقوط.
بين الخير المزعوم والجريمة المنظمة
حازم العركي قدم نفسه كفاعل خير يمد يد العون للغارمات ويدعم المؤسسات الصحية، لكن سقوطه المدوي كشف أن المال الذي يقدمه كان ملوثًا بسموم "الشابو"، وأن السلاح والذخيرة كانا حاضرين لحماية إمبراطوريته. لتتحول صورته من "رجل خير" إلى "تاجر موت"، يواجه أحكامًا قد تصل إلى السجن المؤبد أو الإعدام.
الأموال المشبوهة مهما تجملت بأعمال الخير، فإنها في النهاية تسقط مع أصحابها
هذه الواقعة تلخص درسًا قاسيًا للمجتمع: أن الأموال المشبوهة مهما تجملت بأعمال الخير، فإنها في النهاية تسقط مع أصحابها عند أول مواجهة مع العدالة.
وفي قنا، لم تعد قصة حازم العركي مجرد حادث جنائي، بل أصبحت عبرة عن خطورة تجارة السموم، وكيف تتحول بين ليلة وضحاها من "تبرعات على فيسبوك" إلى "قيود حديدية في قفص الاتهام".