الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

المنوعات

نرمين نبيل يكتب : بذور التعصب المعلقة في شوارعنا

الكاتبو الصحفية -  نرمين نبيل
بقلم -نرمين نبيل -

في احد شوارعنا علق احدهم لافتات تقول: "استرجل ومتلبسش اهل بيتك محزق ". جملة قصيرة لكنها مشحونة بثلاث اهانات في آن واحد: اهانة للرجل الذي يوحي النص بانه ضعيف الارادة ويفقد رجولته ان لم يفرض وصايته واهانة للمرأة التي تختزل الى كائن لا يملك حق اختيار ملبسه واهانة للمجتمع باسره

هذه اللافتات ليست مجرد كلمات على قماش انها اعلان مفتوح عن فكر وصائي متشدد فكر يرى ان الحرية خطر وان ضبط السلوك لا يكون الا بالقمع. الاخطر من ذلك ان هذه الرسائل المسمومة تعلق علنا في شوارعنا وكانها جزء من نسيج الشارع تمر امام اعين الاطفال فيتشربون مفاهيم الرجولة المربوطة بالقهر والانوثة المربوطة بالطاعة.

هنا يطرح السؤال نفسه: لماذا لا تتدخل الدولة لازالة مثل هذه اللافتات؟ الدولة التي تنظف الشوارع من القمامة لماذا لا تنظف العقول من الرسائل التي تزرع بذور التطرف في تربة الوعي الجمعي؟ اليس من مسؤولية الدولة ان تحمي المجال العام من التحريض على انتهاك حقوق الافراد؟
الحرية ليست "ترفا" بل هي المعيار الاول لصحة المجتمع. والمجتمع الذي يسمح بانتشار لافتات تفرض على المرأة مظهرا معينا بحجة "الستر" هو مجتمع يعيد انتاج نفس الانماط الوهابية التي حاربنا عقودا من اجل تجاوزها الخطر الحقيقي ليس في قطعة القماش المعلقة بل في الشرعية التي يمنحها صمت الدولة لهذه الرسائل حتى تتحول من رأي فردي الى عرف جماعي.
لافتة كهذه تكشف اننا لا نعاني فقط من ازمة في الشوارع بل من ازمة اعمق في فهم معنى المواطنة. فالمواطن رجلا كان او امرأة لا يقاس بما يفرضه على غيره بل باحترامه لحق الاخر في الاختيار