حماس والصفقات القذرة.. كيف تحوّل شعار التحرير إلى سلاح لتجويع غزة؟

في غزة لا يموت الناس فقط تحت القصف بل يموتون من الجوع من العطش من القهر من الصمت الموجع من انتظار قافلة مساعدات لا تصل ومن قرار غير مرئي يتحكم في الأرواح ويمنح الحياة لمن يشاء ويسلبها ممن يشاء
في غزة لا تحتاج إلى طائرات الاحتلال لتنهار فقط يكفي أن يسقط اسمك من قوائم التنظيم أن تعترض أن تكتب أن تتألم علنا كي تحاسب على ألمك وتجرد من حقك في النجاة
حماس التي تتحدث عن الصمود هي ذاتها التي خلقت طبقة من الأثرياء الجدد داخل الحصار وهي التي حولت المساعدات إلى سلع تباع وتشترى وهي التي جوعت الشعب من الداخل قبل أن يحاصر من الخارج السكان اليوم بين مطرقة الاحتلال وسندان التنظيم لا معابر لا دواء لا كهرباء ولا طعام والسلطة الفعلية تمارس دورها كأن شيئا لم يحدث لا خطط لا حلول فقط خطاب مقاومة فارغ المحتوى
7 أكتوبر.. بداية الفوضى المُنظّمة
في السابع من أكتوبر صحا العالم على مشهد مزيف متفق عليه مسبقا مشهد دموي حمل توقيع حماس لكنه لم يصدم الاحتلال كما صدمنا ولم يفاجئه كما فاجأنا فقد دخلت حماس الأراضي المحتلة دون أي مقاومة تذكر كاميرات المراقبة صمتت وأبواب الأسوار فتحت وحدها دون صراع وفي قلب الجنوب خرجت استغاثات من سكان المناطق الحدودية تقول حماس دخلت علينا البيوت ولا أحد يرد كان الصمت جزءا من الخطة وكانت الفوضى مرتبة بدقة لتبدو عشوائية لكنها في جوهرها جزء من صفقة أكبر ومنذ تلك اللحظة انطلقت المعركة لا لتحرير الأرض بل لإعادة توزيع الأدوار فحماس التي خرجت من رحم الإخوان لم تعد حركة مقاومة بل تحولت إلى ذراع في رقعة شطرنج إقليمية تملك السلاح لكنها فقدت البوصلة
ترفع شعارات التحرير بينما تقمع كل صوت حر داخل غزة ومنذ انقلابها الدموي عام ٢٠٠٧ لم يعد في غزة قانون يحكم أو عدل يطبق بل أجهزة أمنية تعمل بمنطق الدولة البوليسية
من حركة مقاومة إلى سلطة قمع
من يكتب يعتقل من يعارض يصفى من يتظاهر يضرب أو يختطف
شهدت غزة خلال حكم حماس مئات حالات القتل دون محاكمة منذ سنوات تتوالى الشهادات عن شنق المعارضين داخل السجون وتصفية الخصوم من فتح وغيرهم تحت ستار الخيانة والتخابر لكن لا قضاء عادلا ولا جهة محايدة فقط قرارات من القائد الأعلى وسيف الاتهام المعلق فوق رقاب الجميع الناس هناك لم تعد تخاف الاحتلال كما تخاف من أجهزة التنظيم
لا صحف تسمح لا مواقع تفتح لا كلمة تمر دون مراجعة وحتى التظاهرات ضد الغلاء أو نقص الرواتب واجهتها حماس بالرصاص والاعتقال وكأن الوطن لا يحتمل سوى صوت واحد هو صوت القائد ..
والتنظيم الذي يدعي أنه يقاتل من أجل القدس لم يطلق رصاصة واحدة على الاحتلال في الضفة بينما يملأ السجون بأبناء شعبه
يحكم غزة بقبضة من حديد ويغذ الصراع ليبقى فالمعركة التي لا تنتهي هي الذريعة الوحيدة للبقاء وأي هدنة حقيقية قد تسقط ورقة التوت عن سلطة بلا شرعية في النهاية لن يسأل الناس كثيرا عن البيانات والخطب
بل سيسألون عن الجوع والدم والقهر
عن الأطفال الذين ماتوا من العطش
عن البيوت التي دمرت وعن المساعدات التي لم تصل
وعن قافلة الخبز التي اوقفتها بندقية حماس لأنها لا تملك الإذن بالعبور
قد يكون التاريخ قاسيا في أحكامه
لكنه لن ينسى أن حماس كانت شريكا في معركة تجويع شعبها