أصدقاء رحلوا وقصص وداع بلا دفن.. ”مقابر الحيوانات” في القاهرة: حب ينتهي في الشارع

في قلب مدينة تعج بالبشر يظل سؤال بسيط بلا اجابة واضحة اين تدفن الحيوانات الاليفة بعد رحيلها رغم آلاف المحبين والمهتمين بالحيوانات الاليفة في مصر فانه لا يوجد حتى اليوم مكان عام مخصص لدفن هذه الكائنات التي تشاركهم الحياة لسنوات وتصبح جزءا من العائلة حتى اذا جاء وقت وداعها يجدون انفسهم في مواجهة مؤلمة اين يذهب جسد الرفيق حيث يطالب المهتمون بالحيوانات بانشاء مقابر عامة في مناطق طرفية بالقاهرة او المحافظات برسوم رمزية لتغطية التكلفة وباشراف طبي وبلدي على غرار ما يحدث في دول كثيرة حيث تعامل الحيوانات بقدر من الاحترام حتى بعد موتها
"ارواح صغيرة تبحث عن مكان لتستريح فيه ولا قانون لهم"
ربما لا يعترف القانون المصري بعد بحق الحيوان في الراحة الابدية لكن المشهد الحالي يفرض نفسه آلاف الحيوانات تموت سنويا دون مكان مخصص وآلاف البشر يعانون مرارة الفقد مرتين مرة بفقد الحيوان ومرة بعدم وجود مكان يليق بوداعه في القاهرة لا توجد مقابر رسمية او معتمدة لدفن الحيوانات باستثناء مساحة محدودة داخل نادي الجزيرة وهي مقبرة صغيرة مخصصة لاعضاء النادي فقط ما يعني ان الاغلبية من محبي الحيوانات لا يملكون سوى خيارات بدائية مؤلمة احيانا تتراوح بين دفن الحيوان في ارض زراعية بعيدة او التخلص منه في صناديق القمامة في مشهد لا يليق بمكانته في قلوب اصحابه
رأي رجال الدين
يقول الشيخ محمود عبد الغني امام وخطيب باحد مساجد القاهرة في المقطم الحيوان كائن من خلق الله وقد امرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة به حيا وميتا صحيح ان الاسلام لا يفرض طقوسا جنائزية للحيوان مثل الانسان لكن ده لا يمنع اننا ندفنه بطريقة محترمة بعيدة عن الاهانة او الاقاء في القمامة لان ده بيعكس اخلاق الانسان ونظرته للخلق ويضيف اللي بيربي حيوان بيكون مسؤول عنه ودفنه في مكان لائق بعد وفاته جزء من الامانة دي الرحمة لا تتوقف عند الموت بل تظهر بوضوح في لحظة الوداع
اما الاب يوحنا مجدي كاهن باحدى الكنائس القبطية في محافظة الشرقية فيؤكد ان كل ما هو مخلوق من الله يستحق الاحترام الحيوانات الاليفة تشاركنا الحياة والمشاعر واحيانا تكون عزاء لاشخاص وحيدين او اطفال لما تموت من الطبيعي ان اصحابها يشعروا بحزن حقيقي ويستحقوا مكان يدفنوه فيه بكرامة ويتابع المقابر مش بس للوداع لكنها وسيلة نعبر بيها عن الامتنان والارتباط وعدم وجود مكان لدفن الحيوانات بيخلي لحظة الفقد اكثر قسوة وبيزيد من الالم النفسي
رأي من فقدوا اليفهم قريبا بوداع صامت
"اضطريت ادفنه في الجنينة"
يقول عمرو حسني عبد المجيد شاب في اواخر العشرينات كلبي عاش معايا عشرة سنين وكان جزء من يومي لما مات فجاة ماكنتش متخيل اني مش لاقي مكان ادفنه فيه اضطريت ادفنه في جنينة بيت قريب في القليوبية بعد ما لففت بالعربية ساعات حسيت ان ده اقل واجب ليه لكن في ناس مالهاش الخيار ده
"ماقدرتش ارميه زي الزبالة"
تحكي مايا حسين طالبة جامعية ببكي كل ما افتكر اننا رمينا الارنب بتاعي في كيس ايوه كيس ماكنش عندنا اي فكرة نعمل ايه والبابا رفض نحطه في البلكونة ولا ندفنه في الارض الزراعية لحظة بشعة ومهينة لروحي قبل اي حاجة
"بنطلب بس بمكان محترم "
تقول زهرة عراقي مؤسسة جروب لرعاية الحيوانات على فيسبوك في ناس بتتريق على الفكرة لكن الموضوع كبير جدا في ناس بتكتئب وبتدخل في نوبات حزن بسبب الطريقة اللي بيودعوا بيها حيواناتهم احنا مش بنطلب مقابر فخمة احنا عايزين مكان محترم بس بعيد عن الزبالة والاهانة
"ليه نعملهم كده بعد ما عاشوا معانا سنين"
تقول سلوى محمد ام لطفلين وبتربي قطط القط بتاعي كان بينام مع ولادي عاش معانا تماني سنين ولما مات اتصدمنا اننا مش عارفين نودعه ازاي حسيت اني بعمل فيه جريمة لما دفنته في كرتونة في جنب ارض مهجورة
"ليه بس الحيوانات دايما منسية
يرى هشام عويس ناشط بيئي الموضوع مش بس انساني ده كمان له علاقة بالصحة العامة الحيوان لما يتحلل في الشارع او يتساب مكشوف ممكن ينقل امراض وعشان كده وجود مقبرة رسمية امر منطقي جدا مش رفاهية زي ما ناس فاكرة
القصص تتكرر من اصحاب كلاب وقطط وسلاحف وطيور جميعهم يروون لحظات صعبة بعد فقد حيواناتهم ليس فقط بسبب الحزن بل بسبب غياب آلية محترمة للتعامل مع الجثمان
"رأي الطب النفسي"
يقول ناشئ نبيل استشاري الامراض النفسية والعصبية بمستشفي الحياة التخصصي ان العلاقة بين الانسان والحيوان الاليف علاقة عاطفية قوية وغالبا ما يكون الحيوان مصدر دعم نفسي ورفيق في اوقات الوحدة او الضغط عندما يموت الحيوان يشعر صاحبه بحزن عميق يشبه فقدان شخص عزيز واحيانا يمر بمرحلة حداد مؤلمة ويضيف عدم وجود مكان مناسب لدفن الحيوان يجعل عملية الوداع صعبة جدا وقد يزيد من الشعور بالعجز والضياع النفسي دفن الحيوان بطريقة محترمة يساعد على اتمام طقوس الوداع وهي خطوة مهمة لتقبل الفقد والتعافي عاطفيا ويؤكد الدكتور احمد ان توفير مقابر مخصصة للحيوانات الاليفة يمكن ان يكون له اثر ايجابي واضح على الصحة النفسية لاعضائها ويخفف من معاناة الفقد ويعزز من احساسهم بالاهتمام والاحترام
"ثورة على مواقع التواصل الاجتماعي الشارع ليس مقبرة"
على مواقع التواصل الاجتماعي تنتشر نداءات من محبي الحيوانات تطالب الدولة بتخصيص ارض لمقابر الحيوانات تكون باشراف بيطري ووفق ضوابط صحية بدل من ان تصبح الشوارع ملاذا اخيرا لها بعد الموت في مشهد غير انساني ولا حضاري
الدولة فين
حتى اليوم لا توجد اي مبادرة رسمية من الحكومة لحل هذه الازمة رغم كونها مسألة تمس شريحة واسعة من المجتمع خصوصا مع تزايد اعداد محبي الحيوانات في مصر في السنوات الاخيرة الموضوع مش رفاهية دي مسؤولية بيئية وصحية كمان لان دفن الحيوانات في اماكن غير مخصصة ممكن يسبب تلوث او انتشار امراض لو ما اتعملش بشكل صحي