الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

أسرار السياسة

بين تكذيب الاستخبارات وتحذير بانيتا.. هل يقود ترامب أمريكا لحرب شاملة مع إيران في الشرق الأوسط؟

المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية
-

يتزايد التصعيد بين إيران وإسرائيل ودخول النزاع يومه العاشر يتزايد الجدل داخل الولايات المتحدة الأمريكية حول الموقف من طهران، وتحديدًا تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي أثارت انتقادات واسعة بعد تشكيكه في تقييمات الاستخبارات الأمريكية بشأن البرنامج النووي الإيراني، مقابل تحذيرات جدية من مسؤولين سابقين بأن أي ضربة عسكرية ضد إيران قد تجر واشنطن إلى حرب إقليمية شاملة.

ترامب يشكك في تقارير الاستخبارات

خلال لقائه بالصحفيين في مطار موريس تاون بولاية نيوجيرسي، شكك ترامب في مصداقية ما قالته مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، التي أكدت في شهادتها أمام الكونغرس خلال شهر مارس 2025 أن إيران لا تعمل حاليًا على تطوير سلاح نووي.

وصرح ترامب بشكل واضح أن غابارد كانت مخطئة في تقييمها، متهما بعض وسائل الإعلام بتحريف تصريحاتها والترويج لانقسام غير موجود داخل الإدارة الأمريكية.

وبعد الجدل المثار، نشرت غابارد توضيحا على منصة إكس قالت فيه إن لديها معلومات استخباراتية تشير إلى أن إيران قد تتمكن من إنتاج سلاح نووي خلال أسابيع أو أشهر إذا قررت ذلك، معتبرة أن شهادتها السابقة أُخرجت من سياقها.

تقارير استخباراتية متضاربة

رغم تعديل غابارد لبعض تصريحاتها، أكد مصدر مطّلع في الاستخبارات الأمريكية لوكالة رويترز أن تقييم مارس لم يتغير، مشيرًا إلى أن إيران لا تزال بحاجة إلى ثلاث سنوات تقريبًا لتطوير رأس نووي يمكن حمله بصاروخ.

في المقابل، صرح ديفيد أولبرايت، مفتش الأسلحة النووية السابق في الأمم المتحدة، أن إيران بحاجة إلى ما لا يقل عن ستة أشهر لصنع جهاز نووي بدائي، وهو غير كافٍ من الناحية العسكرية، مما يعيد التساؤل حول مدى واقعية تهديد إيران النووي في الوقت الحالي.

بانيتا يحذر من سيناريو العراق ويتوقع كارثة إقليمية

وفي تصريح صادم، قال ليون بانيتا المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ووزير الدفاع الأسبق، إن أي هجوم أمريكي على إيران سيغرق البلاد في حرب إقليمية واسعة.

وأكد في حديثه لشبكة CNN أن ما حدث في العراق قبل عشرين عامًا كان خطأ استراتيجيًا فادحًا يجب ألا يتكرر، مشيرًا إلى أن ضرب إيران حتى وإن تم عبر هجوم جوي محدود، سيقود بالضرورة إلى رد عسكري إيراني واسع يشعل المنطقة بأكملها ويضع المصالح الأمريكية في خطر مباشر.

إيران وإسرائيل.. مواجهة غير متكافئة لكن خطيرة

الهجوم الإسرائيلي على إيران في 13 يونيو 2025 والذي استهدف مواقع تعتبرها تل أبيب مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني، فتح فصلًا جديدًا في المواجهة غير المباشرة التي كانت مستمرة عبر ساحات مثل سوريا ولبنان وغزة.

وتعد إسرائيل الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي يُعتقد أنها تمتلك أسلحة نووية، فيما تؤكد إيران أن برنامجها النووي سلمي، وأنها طرف ملتزم في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، في الوقت الذي لم توقّع فيه إسرائيل على هذه المعاهدة.

ورغم الفارق في الترسانة العسكرية، فإن امتلاك إيران شبكات قوية من الحلفاء الإقليميين مثل حزب الله في لبنان والميليشيات الشيعية في العراق، يمنحها القدرة على الرد غير التقليدي، وهو ما يثير القلق من تصاعد حرب بالوكالة إلى مواجهة شاملة.

موقف ترامب بين الضغط والتصعيد

تصريحات ترامب الرافضة لتقارير الاستخبارات تثير القلق من إمكانية اتخاذ قرار منفرد بالتصعيد العسكري تجاه إيران، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأمريكية ورغبته في إظهار صورة الرئيس الحاسم أمام الناخبين، وهو ما يضعه في مواجهة مباشرة مع قيادات أمنية سابقة ترى أن الوقت الحالي لا يتحمل مغامرات غير محسوبة.

ويعيد هذا المشهد إلى الأذهان سيناريو غزو العراق عام 2003، عندما تجاهلت إدارة جورج بوش التقييمات الحذرة للاستخبارات ودخلت في حرب دمرت المنطقة وأضعفت ثقة الشعوب في السياسات الأمريكية.