الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

أسرار السياسة

نتنياهو يعترف: ”واجهنا عالمًا عربيًا موحّدًا ثم فرّقناه تدريجيًا”.. اعتراف خطير يكشف جوهر الاستراتيجية الإسرائيلية منذ النكبة

تصريح النتن ياهو
تقرير يكتبة صلاح توفيق -

كشف رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن جوهر العقيدة الاستراتيجية التي قامت عليها دول الأحتلال الأسرائيلية منذ إعلان قيامها عام 1948 وذلك خلال مؤتمر صحفي رسمي عقد في تل أبيب جيث قال
"في بداية قيام إسرائيل واجهنا عالمًا عربيًا موحدًا.. ثم فرّقناه تدريجيًا."

بهذه العبارة، التي تحمل من التبجح بقدر ما تحمل من الحقيقة أزاح نتنياهو الستار عن عقود من العمل المنهجي لتفكيك العالم العربي سياسيًا واجتماعيًا وجغرافيًا وتحويله من قوة متماسكة إلى كيانات متناحرة ومتباعدة المصالح واحيانا متقاتله مع بعضها البعض في صور تنظيمات.

"إسرائيل" والرهان على الفرقة منذ النشأة

لم وحدة العالم العربي شعوبا وحكام عقب نكبة فلسطين عام 1948 مجرد حالة عاطفية بل شكل في حينه تهديدًا وجوديًا للكيان الصهيوني الناشئ وهو ما أدركه قادة الاحتلال مبكرًا. ومنذ ذلك الحين اشتغلت أجهزة "إسرائيل" السياسية والاستخباراتية على خطة طويلة المدى دري تنفيذها بهدف تفكيك ذلك التماسك، ليس فقط بين الدول بل داخل كل دولة عربية على حدة فنتشرت التنظيمات بأسماء مختلفة .

زكان استغلال الطائفية والمذهبية والعرقية والتنازع الإقليمي هو الطريق الاسهل لتنفيذ المخطط الصهيوني حيث تمكنت "إسرائيل" - كما يعترف نتنياهو اليوم - من تفتيت الكتلة العربية الواحدة إلى جزر سياسية معزولة بل وجعلت بعضها ينظر إلى تل أبيب كحليف أقرب من دولة شقيقة.

من الوحدة العربية إلى التطبيع والانقسام

تصريح نتنياهو يكتسب أهمية مضاعفة لأنه يأتي في زمن تتسارع فيه خطوات التطبيع بين بعض الدول العربية و"إسرائيل"، في وقت تغيب فيه الوحدة أو حتى المواقف المتناسقة تجاه القضية الفلسطينية التي كانت يومًا ما قضية العرب الأولى.

بل إن هذا التصريح قد يُقرأ على أنه تلويح بأن "المهمة قد اكتملت"- وأن المشروع الصهيوني لم ينجح في البقاء فحسب، بل في إخراج العالم العربي من معادلة الصراع وتحويله إلى حالة "صامتة أو متعاونة" وفقًا لسياسات المصالح الضيقة أو الضغوط الغربية.

سؤال هل يوقظ تصريح نتنياهو ضمائر العرب ويدعوهم للاصطفاف من جديد ؟

أمام هذا التصريح الموثق والمعلن للعالم أجمع لم يعد مجديًا الحديث عن "نظرية المؤامرة" فقد جاءت الحقيقة على لسان رأس الهرم الإسرائيلي ذاته لتُسقط ورقة التوت عن كل من لا يزال يبرر حالة التخاذل أو يقف على الحياد.

فهل آن للعرب أن يدركوا أن العدو لم ينتصر علينا في الحروب العسكرية فقط بل انتصر في تدمير وعي الامة العربية ؟
وهل من الممكن استعادة ذلك الوعي، لا من باب الحنين للماضي بل كمحاولة للنجاة مما تبقى من الحاضر؟

فضيحة يجب أن تعلق علي أبواب كل كل عاصمة عربية

اعتراف نتنياهو بهذا الشكل المهين لكل العرب يجب أن يُعلّق علي ابواب كل العواصم العربية عربية لا باعتباره "فضيحة سياسية"، بل كـمرآة صادقة لواقع صنعناه نحن بصمتنا وتشتتنا وانكفائنا على ذواتنا.

إذا كان العدو يعترف بأنه نجح في تفريقنا، فالسؤال الآن:
هل نستسلم لهزيمتنا النفسية والسياسية؟
أم نُعيد بناء جبهة الوعي والكرامة العربية ونعيد الاعتبار لوحدة كان يخشاها العدو أكثر من كل سلاح؟