الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

المنوعات

مواقع التواصل الاجتماعي في مصر.. من ساحات ترفيه إلى منصات لنشر الشائعات وابتزاز الأفراد

مواقع التواصل
-

في الوقت الذي يفترض أن تمثل فيه مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة للتواصل وتبادل المعرفة والترفيه، أصبحت هذه المنصات في مصر – وفي مقدمتها "فيسبوك" – تهديدًا متناميًا للاستقرار المجتمعي، بعدما تحوّلت إلى أرض خصبة لنشر الشائعات، وتصفيات الحسابات، والابتزاز، وجرائم التشهير.

فيسبوك.. منصة «الوفاة الكاذبة» للمشاهير

يكاد لا يمر شهر دون أن يُتداول خبر «وفاة» أحد المشاهير المصريين، سواء كانوا فنّانين أو سياسيين أو إعلاميين، على منصات التواصل، ليتبين لاحقًا أن الخبر مفبرك ولا أساس له من الصحة. تكررت حالات الإعلان عن وفاة نجوم مثل عادل إمام، ومحمد صبحي، بل وحتى شخصيات سياسية بارزة، فقط لجذب الانتباه وزيادة التفاعل والمشاهدات علي هذة الصفحات التي تسعي الي تحقيق الربح بغض النظر عن الحقيقة والموضوعية .

شائعات سياسية وأهداف خبيثة

بعيدًا عن الشائعات الفنية، فإن أخطر ما تشهده مواقع التواصل الاجتماعي هو استغلالها من قبل جماعات مشبوهة ومنظمات معادية للدولة لبث رسائل مضللة تزرع الشك وتبث الفتنة. فهذه الشائعات لا تتوقف عند الأكاذيب بل تمتد إلى صناعة حالة من فقدان الثقة في المؤسسات، والتشكيك في كل إجراء حكومي أو حادث عام، رغم قيام الدولة وأجهزتها، وعلى رأسها وزارة الداخلية، بالرد السريع على معظم ما يُثار من وقائع، بنشر التفاصيل الحقيقية للرأي العام، في نهج يستحق الإشادة بهذة المبادرات التي تتصدي للاكاذيب الفيس بوكية .

جرائم تمثيلية.. من أجل المشاهدات

وفي مشهد أكثر خطورة، ظهرت خلال السنوات الأخيرة مقاطع فيديو تمثيلية هدفها الوحيد تحقيق الربح عبر المنصات، حيث يُفبرك مشهد جريمة أو مشاجرة أو اعتداء، فينتشر كالنار في الهشيم قبل أن يتبيّن أنه غير حقيقي. الأجهزة الأمنية ترصد هذه الوقائع وتلاحق المتورطين فيها بتهم النشر الكاذب وتكدير السلم العام، ولا تتردد في إحالة هؤلاء إلى النيابة العامة للتحقيق معهم وتقديمهم الي العدالة مثل ما حدث في واقعة العمل السفلي للاعب مؤمن زكريا والمقابر والأمثلة كثيرة في هذ المجال.

الابتزاز الإلكتروني.. العائلة ضحية والضمير غائب

لكن الكارثة لا تتوقف عند الشائعات العامة، بل تتسرب إلى البيوت والعلاقات الأسرية. فقد تحوّلت صفحات التواصل في أيدي بعض المستخدمين إلى وسيلة لتصفية الحسابات الشخصية، وأداة تهديد ضد أقرب الناس. وسُجّلت في الآونة الأخيرة عدة قضايا قام فيها أزواج بفضح زوجاتهم عبر "فيسبوك"، ونشر صور أو أسرار عائلية بهدف الإذلال أو الانتقام، في تصرفات تُجسّد انعدام القيم الإنسانية والأخلاقية كما تحولت بعض الصفحاتالي ابتزاز بعض الشخصيات بوقائع معينة ولا يتوقف النشر الا بالتراضي المادي والامثلة علي ذلك كثيرة .

القانون يردع.. لكن الرقابة الذاتية غائبة

ورغم أن قانون العقوبات المصري يجرم نشر الشائعات أو الترويج لها عبر مواقع التواصل جريمة يُعاقب عليها القانون، سواء كانت تتعلق بالأمن العام أو الحياة الخاصة للأفراد. وتُواصل الجهات المختصة، بالتنسيق مع قطاع الأمن العام ومباحث الإنترنت، رصد وملاحقة كل من يستخدم هذه المنصات للإساءة أو الترويج لمحتوى كاذب.

لكن ومع ذلك، تبقى الحاجة ملحّة إلى رفع الوعي المجتمعي، وتأكيد أن امتلاك حساب على "فيسبوك" أو "تيك توك" لا يعطي صاحبه الحق في بث السموم أو خرق القوانين أو تدمير حياة الآخرين. فحرية التعبير لا تعني نشر الأكاذيب، ولا تبرر انتهاك الخصوصية الأخرين تحت اي مسمي كان.

قنابل موقوتة تهدد الأمن النفسي والاجتماعي

إن وسائل التواصل الاجتماعي، التي بدأت كمنصات للتعبير والتواصل، أصبحت الآن قنابل موقوتة تهدد الأمن النفسي والاجتماعي، ما لم يُحسن استخدامها في إطار من المسؤولية القانونية والأخلاقية. ويبقى السؤال: هل نحتاج إلى مزيد من التشريعات، أم إلى ضمير رقمي يعيد لهذه الأدوات وظيفتها الحقيقية؟