التجارة بالمرض”.. جريمة رقمية جديدة على مواقع التواصل الاجتماعي تهدد القيم والقانون

في مشهد بات يتكرر بشكل يثير القلق، تحوّلت مواقع التواصل الاجتماعي إلى منصة مفتوحة للتسول الإلكتروني تحت ستار المرض والمعاناة، إذ يلجأ بعض المستخدمين إلى استغلال مشاعر التعاطف بنشر صور أو مقاطع فيديو تُظهر معاناة أطفال أو مرضى، ويطالبون بتبرعات عاجلة للعلاج، دون أي سند قانوني أو جهة رقابية مسؤولة.
هذه الظاهرة التي يُطلق عليها إعلاميًا "التجارة بالمرض"، لم تعد تقتصر على حالات حقيقية، بل باتت بابًا خلفيًا للنصب والاحتيال، حيث يستخدم البعض صورًا مفبركة أو قصصًا مزيفة لجني المال من متابعين أبرياء يتحركون بدافع الرحمة.
من الرحمة إلى الجريمة
عدد من الحالات التي تم رصدها، تبين لاحقًا أنها مزيفة بالكامل، وتم التحقيق في بعضها من قبل الجهات الأمنية، لا سيما بعد تلقي بلاغات من ضحايا تم استغلالهم عاطفيًا وماديًا. وفي بعض الوقائع، تبين أن الأشخاص الذين ظهروا في مقاطع التوسل ليسوا سوى ممثلين مأجورين.
القانون المصري واضح
ينص القانون المصري على أن التسول، سواء كان مباشرًا في الشارع أو عبر وسائل إلكترونية، يُعد جريمة يعاقب عليها القانون بالحبس أو الغرامة، وتشتد العقوبة إذا كان هناك استغلال للأطفال أو المرضى أو ذوي الإعاقة.
كما يندرج نشر أخبار كاذبة أو مضللة تتعلق بحالات مرضية مزعومة في إطار الجرائم الإلكترونية، ويُعرض من يقوم بها إلى المساءلة الجنائية وفقًا لقانون مكافحة جرائم الإنترنت رقم 175 لسنة 2018.
منصة للشفقة أم سوق للتربح؟
يرى خبراء اجتماعيون أن تفشي هذه الظاهرة يعود إلى غياب الوعي الرقمي، وضعف الرقابة الإلكترونية، وسهولة إنشاء حسابات مزيفة على المنصات الاجتماعية، إلى جانب ضعف الدور الرقابي في التحقق من حملات التبرع غير الرسمية.
ويؤكد الدكتور عمرو عبد الرحمن، أستاذ علم الاجتماع الرقمي، أن "التسول عبر الإنترنت ليس فقط جريمة قانونية، بل جريمة أخلاقية تزرع الشك في النفوس وتفقد الناس ثقتهم في التبرع الحقيقي لمن يحتاج بالفعل".
الحل في التنظيم والرقابة
دعا مختصون إلى ضرورة تشديد الرقابة على حملات التبرع الإلكترونية، وتخصيص منصات رسمية ومعتمدة من وزارة التضامن الاجتماعي أو الهلال الأحمر المصري، تتيح للمواطنين المساعدة بشفافية وضمانات قانونية.
كما ناشدوا المواطنين بضرورة عدم التفاعل مع أي حملات غير موثقة، والإبلاغ عن الحسابات المشبوهة التي تنشر محتوى يستدرّ العطف بهدف الربح.