الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

أسرار السياسة

مسرح عبثي في ليبيا

عجائب مليشيات ليبيا : تتقاتل وتصرخ ”الله أكبر” وكأنهم في مواجهة مع العدو الأسرائيلي ؟!

مليشايات ليبيا
-

في مشهد غريب وعجيب في نفس الوقت ويخلو من تفهم العقل البشري تدور رحي القتال في ليبيا بعيدا عن اللامعقول من المنطق العسكري أو الديني، فتتواصل الاشتباكات المسلحة بين ميليشيات داخل الأراضي الليبية، حيث يتقاتل أبناء الوطن الواحد بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، في شوارع مدنها المأهولة بالسكان ، وسط هتافات "الله أكبر! الله أكبر!"، وكأنهم في معركة تحرير مقدسة ضد الاحتلال، لا في حرب أهلية دامية تنهش الجسد الليبي من الداخل وتدمر مقدرات الوطن تحت صيحات الله اكبر من كافة اطراف الصراع الدامي .

الميليشيات اللبية تصرخ باسم الله.. وتوجه السلاح إلى صدر الوطن نفسة

كافة الاطراف المسلحة في ليبيا التي تقاتل بعضها البعض تستحضر الخطاب الديني وتُضفي على قتالها شرعية "ربانية"، بصيحات التكبير والتهليل مع طلقة رصاص بينما الواقع يؤكد أنهم لا يحاربون إلا بعضهم البعض، والضحية الحقيقية هو الشعب الليبي، الذي سئم الدم والدمار والانقسام، وأصبح يصرخ: "حسبنا الله ونعم الوكيل" في كافة الأطراف التي تصيح بالله اكبر

مقتل قائد ميليشيات فجر ليبيا في معارك الهلال النفطي.

وفي كل المعارك التي تندلع بين فصيلين أو أكثر من الميليشيات، ينتشر مقطع فيديو جديد يُظهر المسلحين وهم يطلقون النار ويهتفون الله أكبر، وكأنهم يواجهون "العدو الصهيوني"، بينما لا يُشاهد في المشهد سوى بيوت المدنيين المحترقة، والجثث المتناثرة في الطرقات، وأطفال مذعورين من أصوات الرصاص الغادرة في جسد الوطن الليبي .

من يحكم؟ ومن يقاتل؟ ومن المستفيد؟

ليبيا الدولة التي تمتلك أكبر احتياطات نفطية في إفريقيا، تُستنزف الأموال والعتاد في حروب عبثية لا طائل من ورائا غير تدمير الوطن بمعرفة قادة ميليشيات لا يعترفون بدولة ولا قانون. الجميع يُعلن أنه على "الحق"، والجميع يزعم أن "الطرف الآخر عميل وخائن"، ولا أحد ينظر إلى الخراب الذي صار عنوانًا لكل مدينة ليبية من طرابلس إلى بنغازي.

البعثة الأممية فى ليبيا تدين معارك الميليشيات في طرابلس | الغد

وليس غريبا ان هذه الجماعات المسلحة تُقاتل وتدمر الوطن تحت شعارات كبيرة وفضفاضة، مثل "استعادة الشرعية"، أو "مواجهة الخونة"، لكنها في الحقيقة تتنازع على مناطق نفوذ، وحقول نفط، ومواقع إستراتيجية، في ظل فراغ سياسي وانقسام إداري واضح بين الشرق والغرب يدعمة رغبة في انهيار ليبيا واستمرار القتال علي اراضيها بهذا المنطق الغريب.

مسرحية عبثية في ليبيا ضحيتها الوطن

ليس مايحدث علي الأراضي اليبية حرب أهلية كلاسيكية المتعارف عليها بين أثنيات مختلفة ، لكن من يتابع التفاصيل عن قرب يدرك أن الأمر أشبه بمسرحية عبثية دموية، تتكرر فصولها بنفس السيناريو، وبنفس الممثلين، مع تغييرات طفيفة في أسماء الكتائب وتحالفات المصالح بين الأطراف المختلفة .

وسط كل هذا الدمار والموت والأستنزاف لمقدرات الشعب الليبي يبقى المواطن الليبي الحلقة الأضعف، يحتمي ببيته إن بقي له بيت، أو يفر إلى تونس أو البحر إن استطاع، بحثًا عن الأمان المفقود في وطن تحول إلى ساحة صراع مميت لا تنتهي، ومعركة لا يفهم أحد من بدأها، ولا من سينهيها ولا حتي ماذا تريد الأطراف المتحاربة غير تدمير ليبيا بصيحات الله أكبر وترديد المواطن اليبي حسبي الله ونعم الوكيل.