الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

أسرار السياسة

تناقض صارخ في أولويات ”حماس” داخل غزة... حماية أسير لمدة عامين وفشل في حماية الشعب الغزاوي

دمار غزة
-

في الوقت الذي تعيش فيه غزة واحدة من أعنف الكوارث الإنسانية في تاريخها الحديث، وبعد شهور من الحصار والتجويع والقصف الإسرائيلي الذي لم يُبقِ حجراً على حجر، فجّرت حركة "حماس" مفاجأة سياسية وإنسانية كبرى بإطلاقها سراح الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر، الذي احتُجز لأكثر من 19 شهراً، وتم تسليمه إلى الصليب الأحمر الدولي.

ورغم الترحيب الدولي بهذه الخطوة، خصوصاً من الولايات المتحدة التي طالما طالبت بالإفراج عن مواطنيها، فإن الشارع الفلسطيني والعربي وقسمًا من المراقبين تساءلوا: هل أصبحت حماية الرهائن أولوية تفوق حماية شعب غزة؟ وهل تملك "حماس" القدرة على الحفاظ على حياة أسير، بينما يعاني مليون ونصف المليون إنسان من المجاعة والقصف دون أي حماية تُذكر؟

شعب تحت النار.. أين الحماية؟

منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر 2023، شهد قطاع غزة انهيارًا إنسانيًا غير مسبوق، إذ قُتل أكثر من 52 ألف فلسطيني، بينهم آلاف الأطفال والنساء، وتدمّرت البنية التحتية بشكل شبه كامل، فيما تعجز المستشفيات عن تقديم الحد الأدنى من الرعاية الصحية، في ظل حصار خانق ومنع شبه تام لدخول المساعدات.

وفي المقابل، أثبتت حماس أنها تمتلك القدرة التنظيمية والطبية واللوجستية لإبقاء الأسير عيدان ألكسندر حيًّا، طوال هذه المدة، في أنفاق تحت الأرض، بعيدًا عن أعين الطائرات الإسرائيلية والتكنولوجيا المتطورة. هذا الأسير حظي بعناية ورعاية خاصة، ولم يُقتل في غارة ولم يُجبر على العيش في مخيم للنازحين أو مستشفى ميداني متهالك.

  • "حماس" حافظت على حياة عيدان ألكسندر لما يقرب من عامين، وسلّمته حيًا في إطار تفاوضي.

  • في المقابل، يعيش الغزيون تحت نيران الموت دون غطاء سياسي أو عسكري حقيقي.

  • هذا التناقض في السلوك والأولويات يهدد ما تبقى من ثقة الشارع الفلسطيني في "حماس" كـ"سلطة أمر واقع".

  • الرأي العام العربي والدولي بدأ في طرح أسئلة محرجة تتعلق بمسؤولية الحركة الأخلاقية والإنسانية.

فهل كان من الممكن استخدام هذا المستوى من الحماية – جزئيًا على الأقل – لحماية المدنيين في غزة؟ وهل هناك من يسبق في سلم الأولويات الطفل الجائع، والمريض الذي يحتضر، والعائلة التي تُدفن تحت الأنقاض؟

تناقض يثير التساؤلات

هذا التناقض الصارخ، الذي بات واضحًا حتى في وسائل الإعلام الفلسطينية، يضع "حماس" أمام أسئلة وجودية:

  • كيف يمكنها الحفاظ على حياة رهينة من جنسية مزدوجة، بينما تفشل – أو تمتنع – عن حماية المدنيين الذين انتخبوها، واحتضنوها، وصمدوا في الحروب لأجلها؟

  • لماذا تصر الحركة على استمرار الحرب دون وقف لإطلاق النار، بينما تثبت قدرتها على اتخاذ قرارات إنسانية عندما يتعلق الأمر بالرهائن؟

  • أليس من الأجدر، سياسيًا وإنسانيًا، تقديم مبادرات لحماية المدنيين بنفس الحماسة التي تبذلها لتحرير الأسرى أو الحفاظ على أوراق تفاوضية؟

انتقادات دولية ومحلية

لم تمر خطوة الإفراج عن ألكسندر مرور الكرام، إذ واجهت "حماس" انتقادات غير مسبوقة من داخل القطاع ومن جهات عربية وغربية، رأت أن الحفاظ على حياة الرهائن بينما يُترك الشعب للموت، يشكل ازدواجية في القيم والأولويات.

كما أعربت شخصيات فلسطينية مستقلة عن غضبها من تلك الخطوة، واعتبروها صفعة معنوية للضحايا الذين لم يتلقوا من الحركة سوى بيانات عسكرية وتهديدات إعلامية لا تحمي من القصف والجوع.