الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

أسرار السياسة

صحيح خسرنا البلد، بس للأمانة كسبنا هالوجوه الحلوة

سوريون يسخرون من قادة الجماعات المسلحة: «كفار قريش رجعوا يحكموا الشام!»

سوري- صحيح خسرنا البلد، بس للأمانة كسبنا هالوجوه الحلوة
-

هو صحيح خسرنا البلد، بس للأمانة كسبنا هالوجوه الحلوة"، بهذه العبارة التي تمزج السخرية بالمرارة، علّق أحد السوريين على صورة لثلاثة رجال ملتحين بملابس متطرفة تقليدية، تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، في مشهد صار يرمز إلى ما آل إليه الواقع السوري في ظل سطوة الجماعات المتشددة التي استباحت الأرض والإنسان باسم الدين، وحولت مدنًا تاريخية إلى ساحة مفتوحة للعبث الأيديولوجي والسلاح المنفلت.

من الدولة إلى اللادولة.. حين حكم "كفار قريش"

ما يلفت النظر في التعليقات الساخرة أن كثيرًا من السوريين شبّهوا هذه الشخصيات التي تملأ الصور الدعائية لتلك الجماعات بوجوه "كفار قريش" في الأفلام المصرية القديمة، تلك التي كانت تمثل أعداء الإسلام، لا حُماته. ويضيف معلق آخر:

"هدول ما فيهم روح الله، هدول فيهم ريحة أفلام يوسف شاهين لما كان يجيب كفار قريش بلحى مصطنعة ومكياج سينمائي."

في الواقع، لا تمثل هذه السخرية مجرد نكتة عابرة، بل هي شكل من أشكال المقاومة الشعبية النفسية تجاه ما فرضته هذه الجماعات من سلطات قهرية، وقوانين متشددة، وتجاوزات لا تمت لا للدين ولا للثورة بأي صلة. إذ انتقلت المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام إلى قبضة جماعات ترفع شعارات دينية، لكنها تمارس على الأرض أقصى درجات القمع والتكفير والفساد.

الوجه القبيح للحكم باسم الدين

منذ عام 2013، بدأت تظهر تشكيلات مسلحة تحمل أسماء إسلامية وشعارات جهادية، لكن ما لبثت أن تحولت من مقاومة مفترضة إلى سلطات أمر واقع، تفرض الإتاوات، وتجلد النساء، وتمنع الموسيقى، وتراقب الزي والسلوك وحتى طريقة الكلام. في إدلب مثلًا، قامت جماعة متشددة بمنع النساء من دخول الحدائق العامة دون "محرم شرعي"، وفي مناطق أخرى، تم جلد شبان في الساحات لمجرد ارتدائهم سراويل ضيقة.

يقول "أبو علاء"، أحد المدنيين النازحين من ريف حلب:

"صرنا نحِن لأيام المخابرات! على سوادها، بس ما كانت تلاحقك عاللحيتك أو نوع النعال يلي لابسو!"

الهروب من الكارثة بالسخرية

في ظل عجز السوريين عن تغيير الواقع بالسلاح أو السياسة، لجؤوا إلى أسلحتهم الأقدم: التهكم والسخرية. فنشطت الصفحات الساخرة مثل "ثوار مع وقف التنفيذ"، و"كفر قريش نيوز"، وبدأ المستخدمون يتداولون صورًا ساخرة لقادة هذه الجماعات بلقطات من أفلام الأبيض والأسود، أو بوصفهم كومبارسًا في دراما دينية فاشلة.

والصورة التي أثارت الموجة الأخيرة، تُظهر ثلاثة رجال بملامح متجهمة، ولحى كثيفة، ولباس ميداني بدائي، ما دفع المعلقين للتندر بأنهم:

"الجزء الضائع من فيلم فجر الإسلام، بس بنسخة أفغانية!".

سوريا بين المطرقة والسندان

ما بين سطوة الجماعات المسلحة المتطرفة، وسطوة النظام الأمني القاسي، يقف المواطن السوري اليوم مجردًا من كل مقومات الحياة الحرة. فلا صوت لمعارضة مدنية، ولا نفَس لتعبير ثقافي، ولا مفرّ من هجرة داخلية أو خارجية هربًا من سوط الفتاوى أو فوهة البندقية.

وفي ظل هذا المشهد الكارثي، يبدو أن ما تبقّى للسوريين هو أن يضحكوا على واقعهم المُر، رغم كل شيء. فكما قال أحدهم:

"ما داموا حكمونا كفار قريش.. خلينا نمثل فيلم ونخلص!"