التحالف في مهب الريح.. الاتحاد الأوروبي يدرس خفض مشترياته من الأسلحة الأمريكية وفرض قيود اقتصادية ضد واشنطن

في تطور غير مسبوق يُهدد مستقبل العلاقات الدفاعية والاقتصادية بين ضفتي الأطلسي، كشفت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية أن الاتحاد الأوروبي يدرس مجموعة من التدابير الصارمة ضد الولايات المتحدة، تشمل خفض المشتريات العسكرية، وفرض قيود اقتصادية وجمركية، وتقليص الاعتماد على التكنولوجيا الأمريكية.
ويأتي هذا التوجه الأوروبي في ظل تزايد التوترات مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تصاعدت عقب قرارات فرض رسوم جمركية شاملة على أكثر من 75 دولة، من ضمنها دول أوروبية كبرى، الأمر الذي أثار مخاوف من حرب اقتصادية داخل التحالف الأطلسي التقليدي.
تهديد مباشر للعلاقات الدفاعية
وفقًا لما أوردته "بوليتيكو"، فإن المقترحات الأوروبية قيد الدراسة تتراوح بين إجراءات رمزية وتدابير تصعيدية، قد تصل إلى قطع علاقات التعاون الدفاعي، والبحث عن موردين بديلين للأسلحة والذخائر، بالإضافة إلى فرض رسوم جمركية انتقامية على المنتجات الأمريكية، والتخلي عن حماية الملكية الفكرية الخاصة بشركات أمريكية كبرى.
وذكرت الصحيفة أن "الثقة في الولايات المتحدة قد اهتزت بشكل خطير"، لا سيما بعد أن ربطت واشنطن دعمها الدفاعي لأوكرانيا بمصالحها الاقتصادية الخاصة، وهو ما دفع دولاً كبرى داخل الاتحاد إلى إعادة تقييم اعتمادها العسكري على واشنطن.
بولندا تتراجع عن صفقات السلاح الأمريكية
في تصريح لافت، قال باول كوال، مستشار رئيس الوزراء البولندي لشؤون أوكرانيا ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البولندي، إن بلاده "لن تطلب على الأرجح صفقات عسكرية جديدة من الولايات المتحدة"، في إشارة مباشرة إلى انعدام الثقة بين الحلفاء التقليديين.
وتُعد بولندا من أكبر مستوردي الأسلحة الأمريكية في الاتحاد الأوروبي، وتراجعها عن هذه الشراكة يفتح الباب أمام تحولات استراتيجية عميقة داخل الناتو.
أداة مكافحة الإكراه.. "السلاح الاقتصادي الأوروبي الأقوى"
أحد أبرز التحركات الأوروبية المحتملة هو تفعيل "أداة مكافحة الإكراه الاقتصادي" ضد الولايات المتحدة، وهي آلية أوروبية حديثة تعتمد على سلسلة من الإجراءات التصاعدية، تبدأ بـ:
-
مفاوضات دبلوماسية،
-
ثم فرض رسوم جمركية إضافية،
-
يليها استبعاد الشركات الأمريكية من أنظمة المشتريات العامة الأوروبية،
-
وتصل إلى تقييد حماية حقوق الملكية الفكرية الأمريكية.
ووصفت الصحيفة هذه الأداة بأنها "السلاح الاقتصادي الأقوى في يد بروكسل"، والذي جرى استحداثه تحديدًا لمواجهة الابتزاز التجاري والسياسي من أي دولة خارجية، بما في ذلك الولايات المتحدة.
ترامب يشعل النار برسوم جمركية عشوائية
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد وقّع في 2 أبريل أمرًا تنفيذيًا بفرض "رسوم متبادلة" بنسبة 10% على واردات عدد كبير من الدول، لتُطبق رسميًا في 9 أبريل على 57 دولة، استنادًا إلى حجم العجز التجاري الأمريكي معها.
وعلى الرغم من تعليقه المؤقت لهذه الرسوم لمدة 90 يومًا على واردات من أكثر من 75 دولة (باستثناء الصين التي رفع الرسوم عليها إلى 125%)، فإن ذلك لم يبدد مخاوف الاتحاد الأوروبي.
استجابة أوروبية محدودة.. لكن التهديد قائم
في 10 أبريل، قررت المفوضية الأوروبية تعليق حزمة من الإجراءات الانتقامية على المنتجات الأمريكية (مثل الصلب والألمنيوم وبعض المنتجات الزراعية) أيضًا لمدة 90 يومًا، لكن مصادر داخل المفوضية أكدت أن "التحركات الأوروبية ليست تأجيلًا بقدر ما هي استعداد لتصعيد أوسع" في حال لم تُراجع الولايات المتحدة سياساتها.
العلاقات الأوروبية الأمريكية تواجه أكبر اختبار منذ الحرب الباردة
يبدو أ، مع اتساع الهوة في الرؤى الاستراتيجية بين الطرفين. وإذا لم تُفضِ الأشهر المقبلة إلى مراجعة للسياسات الجمركية والعسكرية الأمريكية، فإن العالم قد يشهد تغيرًا جذريًا في خريطة التحالفات الغربية، وربما انقسامًا تاريخيًا في قلب الغرب نفسه.