القصة الكاملة لملف الأسرى في اليمن منذ اندلاع الأزمة .. آلاف الضحايا بين السياسة والحرب
منذ اندلاع الأزمة اليمنية وتحولها إلى صراع مسلح مفتوح، ظل ملف الأسرى والمعتقلين أحد أكثر الملفات الإنسانية تعقيدًا وحساسية، إذ ارتبط مباشرةً بتقلبات المشهد العسكري والسياسي، وتحوّل إلى ورقة ضغط متبادلة بين أطراف النزاع، في وقتٍ يدفع فيه آلاف اليمنيين وأسرهم ثمن حربٍ طويلة بلا أفق واضح.
ومع كل جولة تصعيد أو تهدئة، يعود ملف الأسرى إلى الواجهة، حاملاً آمالًا جديدة لعائلات تنتظر أبناءها منذ سنوات، ومخاوف من أن تتحول تلك الآمال إلى رهائن للمساومات السياسية.
جذور أزمة الأسرى منذ بداية الحرب
كيف بدأ الملف؟
مع اندلاع المواجهات المسلحة في اليمن عام 2014، بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وجماعة أنصار الله (الحوثيون)، توسع نطاق الاعتقالات والأسر بشكل كبير، وشمل:

-
مقاتلين من الطرفين
-
مدنيين جرى توقيفهم على خلفيات سياسية أو أمنية
-
صحفيين وناشطين
-
شخصيات قبلية وعسكرية
ومع مرور الوقت، لم يعد الملف عسكريًا فقط، بل تحول إلى أزمة إنسانية مزمنة، وسط غياب إحصاءات دقيقة لأعداد المحتجزين، وتبادل اتهامات بشأن الإخفاء القسري وسوء المعاملة.
معاناة إنسانية تتجاوز الأرقام
أسر تنتظر بلا إجابات
آلاف العائلات اليمنية تعيش منذ سنوات على أمل اتصال أو خبر عن مصير أبنائها، في ظل:
-
انقطاع التواصل مع المعتقلين
-
تضارب المعلومات حول أماكن الاحتجاز
-
صعوبة وصول المنظمات الإنسانية
وأصبح ملف الأسرى رمزًا لمعاناة اليمنيين، حيث يتقاطع الألم الإنساني مع الحسابات السياسية.

محاولات سابقة لحل الأزمة
اتفاقات لم تكتمل
شهدت السنوات الماضية عدة محاولات لمعالجة الملف، أبرزها:
-
اتفاق ستوكهولم 2018، الذي نص على تبادل شامل للأسرى
-
جولات تفاوض برعاية أممية
-
صفقات جزئية تمت بوساطة إقليمية ودولية
ورغم تنفيذ بعض عمليات التبادل، فإنها بقيت محدودة ومتقطعة، ولم تصل إلى حل شامل يُنهي معاناة الجميع.
الصفقة الجديدة.. بارقة أمل أم محطة مؤقتة؟

في تطور لافت، أعلنت وكالة أنباء اليمن توصل الحكومة اليمنية والحوثيين إلى اتفاق جديد لتبادل ما يناهز ثلاثة آلاف أسير من الجانبين، في واحدة من أكبر الصفقات منذ اندلاع الأزمة.
ماذا قال ممثل الحكومة اليمنية؟
أعلن ماجد فاضل، عضو الوفد الحكومي المشارك في مفاوضات التبادل، أن:
«الاتفاق مع الحوثيين تم على صفقة جديدة تُفضي إلى إطلاق سراح آلاف الأسرى، في خطوة إنسانية مهمة تخفف من معاناة الأسر اليمنية».
وأكد فاضل أن المفاوضات جاءت بعد مشاورات شاقة، وأن الحكومة ترى في الملف الإنساني أولوية لا ينبغي ربطها بالتصعيد العسكري.
الموقف الحوثي من الصفقة
من جانبه، قال عبد القادر المرتضى، مسؤول الوفد الحوثي المعني بملف المعتقلين، في منشور عبر منصة إكس:
«وقعنا اليوم اتفاقًا مع الطرف الآخر على تنفيذ صفقة تبادل واسعة تشمل 1700 من أسرانا مقابل 1200 من أسراهم».
ويُظهر هذا التصريح حجم الصفقة، التي تعكس توازنًا نسبيًا في الأعداد مقارنة بجولات سابقة.
أبعاد سياسية وإنسانية متشابكة
لماذا يُعد الملف معقدًا؟

يرى مراقبون أن ملف الأسرى في اليمن:
-
مرتبط بموازين القوة الميدانية
-
يُستخدم أحيانًا كورقة تفاوض سياسية
-
يتأثر بالضغوط الإقليمية والدولية
وفي الوقت نفسه، لا يمكن فصله عن البعد الإنساني، إذ تمثل كل عملية إفراج لحظة حياة جديدة لمئات العائلات.
دور الوسطاء والمنظمات الدولية
لعبت منظمات دولية، وعلى رأسها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أدوارًا أساسية في:
-
تسهيل نقل الأسرى
-
الإشراف على عمليات التبادل
-
ضمان الحد الأدنى من المعايير الإنسانية
غير أن هذه الجهود تصطدم أحيانًا بتعقيدات أمنية وسياسية على الأرض.
هل تمهد الصفقة لتهدئة أوسع؟
يرى محللون أن الصفقة الجديدة قد:
-
تعزز إجراءات بناء الثقة بين الأطراف
-
تفتح الباب أمام مفاوضات أوسع
-
تخفف الاحتقان الشعبي في الداخل اليمني
لكنهم يحذرون من أن أي انتكاسة عسكرية قد تعيد الملف إلى نقطة الصفر.
ملف الأسرى في اليمن مرآة حقيقية لقسوة الحرب


منذ اندلاع الأزمة اليمنية، ظل ملف الأسرى مرآة حقيقية لقسوة الحرب، حيث تختلط السياسة بالدموع، والتفاوض بالمعاناة اليومية. والصفقة الجديدة، رغم أهميتها، تبقى حلقة في مسار طويل يحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية لفصل الملف الإنساني عن صراعات السلاح.
ويبقى السؤال الأهم:
هل تكون هذه الصفقة خطوة نحو إغلاق جراح الأسرى نهائيًا، أم مجرد هدنة إنسانية مؤقتة في حرب لم تنتهِ بعد؟




