من يستفيد من مَن؟
قراءة في تصريحات ليندسي جراهام حول «القيمة الاستراتيجية لإسرائيل»… وعلى حساب من تُدار المعادلة؟
عاد السيناتور الأمريكي ليندسي جراهام فتح ملف العلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، لكن هذه المرة بصيغة مباشرة وصادمة، حين وصف إسرائيل بأنها «صفقة جيدة» لواشنطن من الناحية الأمنية والاستراتيجية، ما يطرح تساؤلًا جوهريًا: من يستفيد من هذه العلاقة؟ وعلى حساب من تُبنى؟
«صفقة رابحة»… هكذا تراها واشنطن
جراهام، عضو لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي، لم يُخفِ رؤيته الصريحة، مؤكدًا أن دعم إسرائيل ليس مسألة دينية أو أيديولوجية فقط، بل استثمار أمني عالي العائد.
وقال السيناتور الجمهوري:
«سواء كنت إنجيليًا مسيحيًا أم لا، فإن إسرائيل صفقة جيدة لأمريكا».
بهذه العبارة، لخّص غراهام فلسفة جزء واسع من المؤسسة السياسية والعسكرية الأمريكية، التي تنظر إلى إسرائيل باعتبارها ذراعًا استخباراتيًا متقدمًا في واحدة من أكثر مناطق العالم اضطرابًا.
الاستخبارات أولًا… لماذا تحتاج أمريكا إسرائيل؟
بحسب جراهام، فإن الفائدة الأساسية التي تراها واشنطن في إسرائيل تتمثل في:
-
تفوق استخباراتي ميداني عبر أجهزة مثل الموساد والشاباك
-
قدرة عسكرية جاهزة دون نشر قوات أمريكية مباشرة
-
معلومات لحظية عن الشرق الأوسط وشبكات المقاومة والقوى الإقليمية
وقال بوضوح:
«إذا اختفى الجيش الإسرائيلي والموساد والشاباك غدًا، سنصبح عميانًا في هذه المنطقة».
هذا التصريح يوضح أن إسرائيل، من وجهة النظر الأمريكية، ليست مجرد حليف، بل أداة استراتيجية متقدمة تُغني واشنطن عن التورط المباشر.
أموال مقابل أمن… معادلة الربح والخسارة
يدافع جراهام عن المساعدات العسكرية الأمريكية الضخمة لإسرائيل – التي تُقدّر بمليارات الدولارات سنويًا – باعتبارها صفقة رابحة، قائلاً:
«كل دولار نقدمه لإسرائيل، نستعيده عشرة أضعاف من حيث الأمن».
لكن هذه المعادلة تثير جدلًا واسعًا، خاصة عندما يُطرح السؤال التالي:
من يدفع الثمن الحقيقي لهذا “الأمن”؟
-
الفلسطينيون تحت القصف والحصار
-
شعوب المنطقة التي تعيش دوامات التصعيد
-
دافع الضرائب الأمريكي الذي يمول الحروب بالوكالة
لقاء القدس… تحالف يتجاوز التصريحات

تصريحات جراهام جاءت عقب لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس، حيث وصفه نتنياهو بأنه «صديق عظيم لإسرائيل» وأحد أبرز داعميها داخل الكونغرس الأمريكي.
اللقاء لم يكن بروتوكوليًا، بل حمل في طياته:
-
تحريضًا سياسيًا مباشرًا ضد فصائل المقاومة الفلسطينية
-
دعمًا لاستمرار النهج العسكري بدل المسارات السياسية
-
تنسيقًا واضحًا في الخطاب تجاه غزة ولبنان
«حماس» و«حزب الله»… شماعة الصراع الدائمة

في سياق تبرير الدعم غير المشروط، أعاد غراهام تكرار الرواية الإسرائيلية، مدعيًا أن:
-
حركة حماس لا تنزع سلاحها بل «تعيد التسلح»
-
حزب الله يسعى لإنتاج المزيد من الأسلحة
ووصف هذه التطورات بأنها «غير مقبولة»، متجاهلًا:
-
واقع الاحتلال
-
استمرار العدوان
-
غياب أي أفق سياسي حقيقي
السؤال الغائب: على حساب من؟
بينما تصف واشنطن إسرائيل بأنها «صفقة رابحة»، يرى مراقبون أن هذه الصفقة:
-
تُدار على حساب الاستقرار الإقليمي
-
تُغذي سباق التسلح والصراعات المفتوحة
-
تُقوض أي فرص حقيقية للسلام العادل
فالولايات المتحدة تحصل على معلومات ونفوذ، وإسرائيل تحصل على دعم مطلق، بينما تدفع الشعوب ثمن المعادلة دمًا وخرابًا.
تعرية منطق المصالح الذي يحكم العلاقة الأمريكية–الإسرائيلية
تصريحات ليندسي جراهام لم تكشف جديدًا بقدر ما عرّت منطق المصالح الذي يحكم العلاقة الأمريكية–الإسرائيلية:
تحالف أمني بحت، تُقاس قيمته بالعائد الاستراتيجي، لا بالكلفة الإنسانية أو القانونية.
ويبقى السؤال مفتوحًا:
إذا كانت إسرائيل صفقة رابحة لأمريكا… فمن الخاسر الأكبر؟









