مقتدى الصدر يجمد سرايا السلام في البصرة وواسط 6 أشهر.. قرارات حاسمة ورسائل سياسية متزامنة مع إجراءات حكومية حساسة
أعلن زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر، مساء الثلاثاء، تجميد عمل قوات سرايا السلام وإغلاق مقراتها في محافظتي البصرة وواسط (الكوت) لمدة ستة أشهر، مؤكدًا أن القرار جاء على خلفية خروقات متكررة وإساءات تمس سمعة السرايا، وهي سمعة وصفها بأنها “أهم من وجودها”.
ويأتي هذا القرار في توقيت سياسي وأمني بالغ الحساسية، يتزامن مع إجراءات تأديبية اتخذتها الحكومة العراقية بحق مسؤولين كبار على خلفية خطأ أثار جدلًا واسعًا في الجريدة الرسمية، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول دلالات المرحلة المقبلة في المشهد العراقي.
تفاصيل قرار تجميد سرايا السلام
وذكر المكتب الخاص لمقتدى الصدر، في بيان رسمي، أن:
“على تحسين الحميداوي تجميد السرايا وغلق المقرات في كل من البصرة والكوت ولمدة ستة أشهر، لحين النظر في وضع حل للخروقات والإساءة المتكررة لسمعة المجاهدين في سرايا السلام ولو كان من طرف ثالث، فسمعتهم أهم عندي من وجودهم”.
ويُعد هذا التصريح من أقوى المواقف التنظيمية التي يتخذها الصدر تجاه أحد أجنحة تياره المسلحة، حيث قدّم سمعة السرايا والانضباط الأخلاقي على الاعتبارات الميدانية والسياسية.
رسالة إلى “المنضبطين” وتحذير من الفتنة
وأضاف البيان:
“سلامي لكل الإخوة الأحبة من المجاهدين والمنضبطين والواعين للخروقات ولمحاولات الفتنة والإساءة من الفاسدين وأضرابهم، مع الشكر والتقدير”.
وتحمل هذه الكلمات رسالة مزدوجة:
-
دعم واضح للعناصر المنضبطة
-
تحذير صريح من محاولات الاختراق والفساد والتشويه
وهو ما يعكس رغبة الصدر في إعادة ضبط البنية التنظيمية لسرايا السلام، وإبعادها عن أي ممارسات قد تُستخدم ذريعة لاستهداف التيار سياسيًا أو أمنيًا.

أبعاد سياسية وأمنية للقرار
يرى مراقبون أن قرار التجميد:
-
يهدف إلى احتواء أي تجاوزات قبل تفاقمها
-
يبعث برسالة تهدئة داخلية وخارجية
-
يؤكد أن الصدر يسعى إلى فصل العمل العقائدي عن الفوضى المسلحة
كما يأتي القرار في سياق تحذيرات سابقة أطلقها الصدر بشأن:
-
الفتنة الداخلية
-
التطبيع
-
محاولات جرّ العراق إلى صراعات إقليمية
في سياق موازٍ.. الحكومة العراقية تتحرك
وعلى جانب آخر، وفي سياق سياسي مختلف لكنه متزامن، أعلنت الحكومة العراقية اتخاذ إجراءات تأديبية بحق عدد من المسؤولين، على خلفية خطأ جسيم ورد في الجريدة الرسمية “الوقائع العراقية” بتاريخ 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025.
خطأ رسمي أثار جدلًا واسعًا
ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء العراقي، فقد أقرت الحكومة توصيات اللجنة التحقيقية الخاصة بالخطأ، والذي تمثل في نشر قرار لجنة تجميد أموال الإرهابيين رقم (61 لسنة 2025)، متضمنًا إدراج:
-
حزب الله اللبناني
-
حركة أنصار الله الحوثية
ضمن قائمة الكيانات الخاضعة لتجميد الأصول، دون موافقة اللجنة الرسمية المعنية.
عقوبات وإعفاءات رسمية
وأشار البيان إلى أن الإجراءات شملت:
-
إعفاء عدد من المسؤولين المعنيين
-
تدوير آخرين إداريًا
-
تحميل المتسببين المسؤولية القانونية والإدارية
وهو ما اعتُبر محاولة حكومية لاحتواء تداعيات الخطأ الذي أثار جدلًا سياسيًا واسعًا داخليًا وخارجيًا.
توضيح البنك المركزي العراقي
وكان البنك المركزي العراقي قد أوضح، مطلع ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أن إدراج الاسمين جاء نتيجة:
“خطأ وسهو غير مقصود”.
وأكد:
-
صدور توجيهات فورية بحذف الاسمين
-
تصحيح محتوى الجريدة الرسمية
-
أن المواقف السياسية والإنسانية للعراق ثابتة ولا تخضع للمزايدات
كما شدد على أن:
“الفقرات المنشورة لا تعكس التصنيفات الرسمية المعتمدة من الدولة العراقية”.
مشهد عراقي دقيق ورسائل متقاطعة
تعكس هذه التطورات المتزامنة حالة إعادة ضبط للمشهد العراقي، سواء من خلال:
-
قرارات تنظيمية حاسمة داخل التيارات السياسية
-
أو إجراءات حكومية لتصحيح أخطاء حساسة تمس السياسة الخارجية والأمن القومي
ويؤكد مراقبون أن المرحلة الحالية تتطلب:
-
أعلى درجات الانضباط
-
وضوحًا في القرارات
-
تجنب أي خطوات قد تُستغل لإشعال توترات داخلية أو إقليمية
مرحلة مفصلية تتطلب حسمًا ومسؤولية
بين قرار مقتدى الصدر بتجميد سرايا السلام حرصًا على السمعة والانضباط، وتحرك الحكومة العراقية لمعالجة خطأ رسمي أثار جدلًا سياسيًا واسعًا، يمر العراق بمرحلة مفصلية تتطلب حسمًا ومسؤولية.
وتبقى الرسالة الأبرز أن الانضباط، والشفافية، والمحاسبة أصبحت عناوين المرحلة، في ظل تحديات داخلية وضغوط إقليمية لا تحتمل مزيدًا من الأخطاء أو الفوضى.









