انسحاب إريتريا من «إيجاد» يكشف اتساع الخلاف مع إثيوبيا.. تصعيد سياسي يهدد استقرار القرن الإفريقي
في تطور يعكس اتساع رقعة الخلافات في القرن الإفريقي وعودة التوتر إلى واجهة المشهد الإقليمي، أعلنت إريتريا انسحابها من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد)، متهمة التكتل الإقليمي بالعمل ضد مصالحها، في خطوة تفتح الباب أمام مواجهة سياسية غير مباشرة مع إثيوبيا وتثير مخاوف دولية من تداعيات أمنية محتملة.
اتهامات إريترية مباشرة لـ«إيجاد»
وقالت وزارة الخارجية الإريترية في بيان رسمي صدر مساء الجمعة، إن أسمرة قررت الانسحاب من منظمة “فقدت ولايتها القانونية وسلطتها”، معتبرة أن «إيجاد» لم تعد تقدم أي فائدة استراتيجية واضحة للدول الأعضاء، وفشلت في الإسهام بشكل فعلي في استقرار المنطقة، بل تحولت – بحسب البيان – إلى منصة تتحرك وفق أجندات متحيزة لا تراعي المصالح المشتركة.
ويأتي هذا القرار في توقيت بالغ الحساسية، مع تصاعد الخلافات السياسية والعسكرية في الإقليم، وعودة الشكوك حول مستقبل العلاقات الإريترية – الإثيوبية.

قلق أممي من تجدد التوتر بين إريتريا وإثيوبيا
بالتزامن مع إعلان الانسحاب، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها البالغ إزاء تجدد التوترات بين إريتريا وإثيوبيا، الدولتين اللتين وقعتا اتفاق سلام تاريخيًا قبل نحو 25 عامًا، أنهى حينها واحدة من أعنف النزاعات الحدودية في إفريقيا.
وترى أطراف دولية أن قرار إريتريا لا يمكن فصله عن الخلافات المتشابكة مع إثيوبيا، خاصة في ظل اتهامات غير معلنة بتوسّع النفوذ الإثيوبي داخل أطر العمل الإقليمي، واستخدام بعض التكتلات للضغط السياسي على دول بعينها.
تاريخ متقلب لعلاقة إريتريا مع «إيجاد»
ولم يكن انسحاب إريتريا من «إيجاد» سابقة، إذ سبق أن غادرت التكتل عام 2003، قبل أن تعود إليه مجددًا قبل نحو عامين فقط. غير أن أسمرة أكدت في بيانها الأخير أن عودتها لم تحقق أي نتائج ملموسة، معتبرة أن التكتل فشل في أداء دوره تجاه الأزمات الإقليمية المتصاعدة.
في المقابل، ردت «إيجاد» ببيان مقتضب، قالت فيه إن إريتريا لم تشارك فعليًا في أنشطة التكتل منذ إعادة انضمامها، في إشارة إلى عمق الخلافات وغياب الثقة المتبادلة بين الطرفين.
«إيجاد» بين أزمات الداخل وتوازنات الإقليم
وتضم «إيجاد» في عضويتها كلًا من إثيوبيا، جيبوتي، كينيا، الصومال، جنوب السودان، السودان، أوغندا، إضافة إلى إريتريا التي قررت الآن الانسحاب مجددًا. ويواجه التكتل تحديات معقدة، أبرزها النزاعات المسلحة، والأزمات السياسية، والتنافس الإقليمي، ما يضعه أمام اختبار حقيقي للحفاظ على تماسكه ودوره.
القرن الإفريقي على مفترق طرق
ويرى مراقبون أن انسحاب إريتريا يمثل رسالة سياسية مباشرة لإثيوبيا وحلفائها داخل التكتل، ويعكس اتجاهاً نحو تدويل الخلافات أو إعادة رسم التحالفات في منطقة تُعد من أكثر مناطق العالم هشاشة. كما يُخشى أن يؤدي هذا التصعيد إلى إضعاف آليات التنسيق الإقليمي في وقت تتزايد فيه التحديات الأمنية والإنسانية.




