تحرش عسكري أمريكي بفنزويلا.. طلعات جوية قرب السواحل وحشد بحري يشعل الخلافات ويُنذر بتصعيد إقليمي خطير
كثف الجيش الأمريكي خلال الأسابيع الأخيرة تحركاته العسكرية قرب السواحل الفنزويلية، في مشهد وصفته السلطات في فنزويلا بأنه تحرش عسكري مباشر يهدد استقرار المنطقة ويفتح الباب أمام مواجهة إقليمية واسعة. وبينما تبرر الولايات المتحدة هذه التحركات بأنها جزء من “مكافحة تهريب المخدرات”، ترى الحكومة الفنزويلية أنها غطاء سياسي وأمني لخطة أوسع تستهدف إسقاط نظام الرئيس نيكولاس مادورو والسيطرة على مقدرات البلاد النفطية.
طلعات جوية أمريكية قرب الساحل الفنزويلي
نفذ الجيش الأمريكي طلعات جوية مكثفة فوق البحر الكاريبي وبالقرب من الساحل الفنزويلي، شاركت فيها مقاتلات وقاذفات استراتيجية وطائرات مسيّرة للاستطلاع. ووفق بيانات موقع “فلايت رادار 24” التي حللتها وكالة فرانس برس، حلّقت طائرتان من طراز إف/إيه-18 تابعتان للبحرية الأمريكية فوق خليج فنزويلا لأكثر من 40 دقيقة، واقتربتا لمسافة تزيد قليلاً على 35 كيلومتراً من الساحل، في خطوة اعتبرتها كراكاس استفزازاً مباشراً لسيادتها.
وفي التوقيت ذاته، كانت طائرة حربية أمريكية أخرى تحلّق شمالاً مع بدء المهمة، ما يعكس تنسيقاً عملياتياً واسع النطاق، وليس مجرد طلعة عابرة.

مسيّرات بعيدة المدى وقاذفات استراتيجية
لم يقتصر النشاط العسكري على المقاتلات، إذ رُصدت طائرة استطلاع مسيّرة بعيدة المدى حلّقت لعدة ساعات على امتداد 800 كيلومتر فوق البحر الكاريبي، وهي المرة الأولى منذ شهر على الأقل التي تُسجَّل فيها إشارة من هذا النوع. كما حلّقت مسيّرة أخرى على ارتفاعات شاهقة في المنطقة نفسها صباح الجمعة، ما يشير إلى تكثيف عمليات المراقبة وجمع المعلومات.
وبين أواخر أكتوبر وأواخر نوفمبر، سُجّلت خمس طلعات لقاذفات بي-1 وبي-52، إضافة إلى طلعتين لمقاتلات إف/إيه-18، على بُعد نحو 40 كيلومتراً من الساحل الفنزويلي. كما أظهرت صور نشرها الجيش الأمريكي قاذفات ترافقها طائرات شبح إف-35 لم تظهر في بيانات “فلايت رادار 24”، ما يعزز الشكوك حول اتساع نطاق العمليات الفعلية.
حشد بحري بذريعة مكافحة المخدرات
تزامناً مع التحركات الجوية، حشدت واشنطن أسطولاً ضخماً من السفن الحربية في منطقة الكاريبي، في إطار ما تسميه جهود مكافحة المخدرات. ومنذ سبتمبر/ أيلول، شنت القوات الأمريكية ضربات استهدفت سفناً يُشتبه في تورطها بتهريب المخدرات، وأسفرت – بحسب تقارير – عن مقتل نحو 90 شخصاً، ما زاد من حدة التوتر الإقليمي.
مادورو يتهم واشنطن بمحاولة تغيير النظام
الرئيس الفنزويلي اليساري نيكولاس مادورو اتهم الولايات المتحدة صراحة باستخدام ملف تهريب المخدرات كذريعة للتدخل العسكري وتغيير النظام في كراكاس، مؤكداً أن الهدف الحقيقي هو الضغط السياسي والسيطرة على النفط الفنزويلي. وتأتي هذه الاتهامات في ظل تصعيد أمريكي سياسي متزامن مع التحركات العسكرية.
تهديدات ترامب وتلويح بالغزو
وفي سياق متصل، صعّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من لهجته تجاه فنزويلا، متوعداً بمصادرة المزيد من نفطها، ومؤكداً في تصريحات لموقع بوليتيكو أن “أيام مادورو باتت معدودة”، دون أن يستبعد خيار الغزو البري الأمريكي. كما تواصل واشنطن اتهام مادورو بتزعم عصابة لتهريب المخدرات، مع رصد مكافأة قدرها 50 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات عنه.
أزمة مفتوحة على كل الاحتمالات
في ظل هذا المشهد المشحون، تبدو العلاقات الأمريكية الفنزويلية على حافة انفجار جديد، مع تصاعد التحرش العسكري، وتبادل الاتهامات، وتهديدات مباشرة تطال سيادة الدولة اللاتينية. وبينما تحذر كراكاس من عواقب أي مغامرة عسكرية، يترقب الإقليم تطورات قد تعيد رسم خريطة الصراع في البحر الكاريبي وأمريكا اللاتينية بأكملها.







