تل أبيب تُرسّخ وجودًا طويل الأمد في غزة ولبنان وسوريا
استراتيجية يتبعها الأحتلال ثلاثة ميادين مفتوحة رغم المساعي السياسية للتهدئة
تتجه إسرائيل، وفق ما يكشفه تقرير موسّع لصحيفة إسرائيل اليوم، إلى ترسيخ وجود عسكري واستراتيجي طويل الأمد في ثلاث ساحات مشتعلة: قطاع غزة، جنوب لبنان، وسوريا، في وقت تتواصل فيه المساعي الأميركية والدولية لاحتواء التوتر وفتح مسارات تفاوضية تمنع توسع المواجهة.
ورغم الضغوط السياسية لإعادة الهدوء، فإن الحسابات الأمنية الإسرائيلية تشير إلى أن “التهديد لا يزال قائمًا” في الساحات الثلاث، ما يدفع تل أبيب لتبني مقاربة تقوم على إدارة صراع طويل وليس حسمًا سريعًا.
أولًا: جنوب لبنان.. بناء مواقع عسكرية جديدة وترسيخ خط تماس جديد
بحسب الصحيفة، يعمّق الجيش الإسرائيلي وجوده داخل جنوب لبنان من خلال إنشاء مواقع عسكرية ثابتة في المناطق التي يراها “خط عزل” بين حزب الله وبين المستوطنات الإسرائيلية في الجليل.
وتؤكد المصادر أن إسرائيل لا تنوي سحب هذه المواقع في المدى المنظور، حتى مع وجود مبادرة أميركية تهدف إلى:
-
السماح بعودة السكان اللبنانيين غير المرتبطين بحزب الله إلى قراهم الحدودية،
-
وتخفيف التوتر عبر فصل المدنيين عن خطوط الاشتباك.
لكن تل أبيب تضع شرطًا أساسيًا: ضمان عدم عودة عناصر حزب الله إلى المنطقة، ما يجعل بقاء الجيش الإسرائيلي في الجنوب خيارًا استراتيجيًا، وليس إجراءً مؤقتًا.

ثانيًا: سوريا.. ساحة حساسة تحاول واشنطن ضبطها لمنع انفجار إقليمي
أما الساحة السورية، فتبدو الأكثر حساسية في الحسابات الإسرائيلية. إذ تشير الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة تبذل جهدًا كبيرًا لمنع انزلاق الوضع إلى مواجهة مباشرة بين إسرائيل والنظام السوري.
ووفق التقرير، فإن واشنطن تسمح — بشكل غير معلن — للنظام السوري باستهداف بعض المجموعات "المدعومة من إيران"، بشرط أن يبقى الاشتباك محصورًا في هذه الدائرة دون توسع، وذلك بهدف:
-
تجنب فتح جبهة جديدة على حدود إسرائيل الشمالية،
-
وعدم منح طهران فرصة لتوسيع رقعة الصراع.
إسرائيل، من جانبها، تواصل عملياتها الجوية “الجراحية” ضد مواقع مرتبطة بإيران، لكنها تلتزم بسقف يمنع الاصطدام المباشر مع الجيش السوري.
ثالثًا: غزة.. المرحلة الثانية من خطة وقف إطلاق النار معلّقة على جثة جندي واحد
في قطاع غزة، تبذل الولايات المتحدة جهودًا حثيثة لإتمام المرحلة الثانية من الخطة السياسية التي صُممت لوقف إطلاق النار.
وتتضمن الخطة:

-
نزع سلاح حركة حماس
-
مقابل انسحاب إسرائيلي تدريجي من القطاع
-
ثم إعادة تشكيل منظومة الحكم المدني والأمني
لكن المشكلة الأساسية، وفق التقرير، هي ملف الرهائن، وتحديدًا جثمان الجندي الأسير ران غويلي، الذي تربط إسرائيل فتح المعابر بشكل كامل والإقدام على أي انسحاب واسع بـ الإفراج عنه أولًا.
ولهذا السبب، توجهت بعثة إسرائيلية رفيعة المستوى إلى القاهرة تضم ممثلين عن الجيش والشاباك والموساد، لبحث ترتيبات الصفقة عبر الوسطاء المصريين.
مقتل ياسر أبو شباب.. ضربة غير محسوبة لإسرائيل وصورة ضبابية لبدائل الحكم في غزة
تطرّق التقرير كذلك إلى مقتل ياسر أبو شباب، الشخصية التي كانت إسرائيل تراها قادرة على تشكيل نواة لـ"إدارة مدنية محلية" في شرق خان يونس، عقب انهيار سلطة حماس في تلك المناطق.
ورغم توجيه أصابع الاتهام للحركة، نقلت الصحيفة عن مصدر أمني قوله إن تقديرات إسرائيلية تربط مقتله بـ نزاع داخلي بين العائلات، ما يثير مخاوف كبيرة داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بشأن:
-
غياب حلفاء محليين قادرين على تثبيت الأمن،
-
وفشل مشروع بناء بدائل محلية لحكم غزة.
وبحسب المصدر، فإن هذا التطور “يعزز القناعة بأن غزة بعد الحرب قد تكون أكثر تعقيدًا مما تتوقعه تل أبيب”.
خلاصة إسرائيلية: لا هدوء قريبًا والوجود العسكري سيستمر
تختم الصحيفة تحليلها بالتأكيد على أن إسرائيل ترى نفسها مضطرة للبقاء في غزة ولبنان وسوريا لفترة طويلة، بسبب استمرار التهديدات الأمنية وصعوبة إيجاد حلول سياسية سريعة.
وتستند هذه الرؤية إلى:
-
غياب اتفاق نهائي في غزة،
-
عجز المبادرات السياسية في لبنان عن إزاحة حزب الله،
-
وتشابك النفوذ الإيراني – السوري الذي يعقّد الحسابات في المنطقة.
وبينما تتواصل الجهود الأميركية والدولية لمنع توسع الحرب، يبدو أن تل أبيب اختارت خيار الإدارة المستمرة للصراع بدل السعي لحسمه في المدى القريب.
















