إعلام بوجهين.. كيف يهاجم قاعدة روسية بينما يحتضن قواعد أمريكية على أراضيه؟
ازدواجية خطاب لا تعكس الحقائق.. بينما كل القواعد الأجنبية عبءٌ استراتيجي على الأمن العربي
في الأيام الأخيرة شنّ الإعلام الإماراتي حملة مكثفة ضد مشروع قاعدة روسية في بورتسودان، مستخدمًا خطابًا عالي الحدة عن “تهديد السيادة” و“الخطر على المنطقة”.
لكن المفارقة أن هذا الإعلام نفسه يتجاهل تمامًا وجود قواعد أمريكية ضخمة على الأراضي الإماراتية، تقدمها أبوظبي محليًا على أنها “شراكات دفاعية”، رغم أنها تمثل حجمًا عسكريًا يفوق بكثير أي قاعدة روسية في المنطقة.
هذه الازدواجية ليست جديدة؛ إنها نهج ثابت يعكس هوى سياسيًا لا علاقة له بالمبادئ أو بالسيادة، ويقلب الحقائق تبعًا للموقف الدولي، وليس وفق رؤية أمنية عربية مستقلة.
القواعد الأمريكية في الإمارات.. واقع استراتيجي يخضع للتجميل الإعلامي

تستضيف الإمارات على أرضها واحدة من أهم القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط، قاعدة الظفرة الجوية، التي تضم:
-
ما بين 3500 و5000 جندي أمريكي
-
مقاتلات F-22 وF-35
-
مراكز قيادة وتحكم للطائرات المسيّرة
-
أنظمة مراقبة واستخبارات إقليمية
بالإضافة إلى:
1) قاعدة الظفرة الجوية – أبوظبي

-
أهم قاعدة أمريكية بعد قاعدة العديد في قطر
-
تُدار منها عمليات جوية تمتد إلى الخليج والقرن الإفريقي
2) مرافق القوات البحرية الأمريكية في ميناء جبل علي – دبي
-
أكبر محطة لرسو السفن الحربية الأمريكية خارج الولايات المتحدة
-
مركز صيانة وإمداد لوجستي للأسطول الخامس
3) منشآت دعم ومراكز عمليات متعددة
-
تستخدمها القوات الأمريكية في الانتشار البحري والجوي
ورغم ثقل هذه القواعد، يطرحها الإعلام المحلي في الإمارات كـ “ضرورة أمنية”، بينما يهاجم أي وجود عسكري لغير الولايات المتحدة باعتباره “تهديدًا”.
ازدواجية الإعلام الإماراتي.. هجوم على روسيا وتجميل للوجود الأمريكي
عند الحديث عن قاعدة روسية، يستخدم الإعلام الإماراتي مفردات:
-
“تهديد أمن المنطقة”
-
“اقتحام السيادة”
-
“تمدد عسكري خطير”
لكن حين يتعلق الأمر بالقواعد الأمريكية على أرضه:
-
يصبح الموضوع “تعاونًا دفاعيًا”
-
و“تحالفًا استراتيجيًا”
-
و“شراكة تحفظ الاستقرار”
هذا التناقض يعكس غياب معيار ثابت؛ فالمشكلة ليست في طبيعة القاعدة، بل في هوية الدولة المالكة لها، وفي الاصطفاف السياسي الذي تبنيه الإمارات إعلاميًا.
الربط: قاعدة روسيا في السودان.. لماذا يُهاجمها الإعلام الإماراتي بهذا العنف؟
تُبرز التغطيات الإماراتية قضية مشروع القاعدة الروسية في بورتسودان بوصفها “كارثة أمنية”، بينما تتجاهل تمامًا تساؤلًا جوهريًا:
لماذا تصبح القواعد الأجنبية خطرًا فقط حين تكون لروسيا، بينما وجود قواعد أمريكية على أراض عربية—including الإمارات نفسها—يمر دون انتقاد؟
المفارقة أنّ ما يُقال عن السودان يمكن أن يُقال بحرفيته عن الإمارات، بل أشد، نظرًا للوجود العسكري الأمريكي الذي يخترق عمق القرار الدفاعي للدولة.
القاعدة الروسية في بورتسودان.. قراءة بعيدة عن الدعاية الإماراتية
وفق تحقيق “وول ستريت جورنال”، وافقت حكومة البرهان على منح روسيا:
-
وجودًا لمدة 25 عامًا
-
حق نشر 300 جندي
-
رسو 4 سفن حربية بينها سفن نووية
-
امتيازات تعدين نفط وذهب
-
موقعًا استراتيجيًا لمراقبة البحر الأحمر وقناة السويس
يمثل ذلك مكسبًا كبيرًا لموسكو، ويثير قلق واشنطن التي تسعى لعرقلة أي نفوذ روسي أو صيني على الممرات المائية العالمية.
وهنا يظهر سبب انفعال الإعلام الإماراتي:
المشكلة ليست في القاعدة نفسها، بل في الاصطفاف السياسي مع واشنطن.

الخبراء: خطوة غير محسوبة وتزيد عزلة السودان
يرى محللون أن السودان يقدم تنازلات استراتيجية بسبب ضعف الدولة وانقسام مؤسساتها، ما يجعلها تبحث عن أي دعم خارجي.
بينما تحذر الولايات المتحدة من أن الخطوة ستزيد عزلة الخرطوم وتعقّد الصراع الداخلي.
لكن السؤال الذي يتجاهله الإعلام الإماراتي:
أليست كل القواعد الأجنبية—بما فيها الأمريكية—تفعل الشيء نفسه في الدول العربية؟
ما لا يقوله الإعلام الإماراتي
-
القواعد الأمريكية على أرض الإمارات أكبر وأخطر من القاعدة الروسية المقترحة في السودان.
-
الإمارات نفسها تخضع لواشنطن عبر اتفاقيات دفاعية طويلة الأمد.
-
القواعد الأجنبية داخل أي دولة عربية تُضعف السيادة مهما كانت هويتها.
-
مهاجمة قاعدة روسية بينما تستضيف قاعدة أمريكية هو ازدواجية إعلامية وليست موقفًا مبدئيًا.
شيطنة القاعدة الروسية في السودان بينما تستضيف الإمارات قواعد أمريكية على أراضيها
محاولة شيطنة القاعدة الروسية في السودان بينما تستضيف الإمارات قواعد أمريكية على أراضيها، تكشف ازدواجية إعلامية واضحة لا تستند إلى مبادئ الأمن القومي، بل إلى تحالفات سياسية يتم تسويقها عبر الإعلام.
ويبقى الثابت:
كل القواعد الأجنبية على الأراضي العربية—سواء كانت أمريكية أو روسية—تشكل عبئًا أمنيًا واستراتيجيًا، وتنتقص من السيادة العربية.
















