اتصالٌ فوق فوهة الصراع.. مكالمة مفاجئة بين ترامب ومادورو تعيد تسخين الملف الفنزويلي رغم قرع طبول الحرب
في خضم التوتر المتصاعد بين واشنطن وكاراكاس، كشفت مصادر أمريكية وفنزويلية مطلعة لصحيفة نيويورك تايمز أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أجرى مكالمة هاتفية مفاجئة مع الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الأسبوع الماضي، رغم استمرار التهديدات الأمريكية بالخيار العسكري.
المكالمة – التي شارك فيها وزير الخارجية ماركو روبيو – لم تكن بروتوكولية، بل حملت نقاشًا حول اجتماع محتمل بين الرجلين داخل الولايات المتحدة، وفق ما أكدته عدة مصادر رفيعة، فيما شدد أحد المصادر على أنه لا توجد حتى الآن ترتيبات رسمية لعقد هذا اللقاء.
لكن اللافت أن هذا الاتصال جاء في وقت حساس للغاية، قبل أيام قليلة من تصنيف الخارجية الأمريكية مادورو رسميًا كزعيم لما تصفه إدارة ترامب بـــ"منظمة إرهابية أجنبية"، كارتل "ديل لوس سولس"، وهو التصنيف الذي دخل حيز التنفيذ أخيرًا.

تعزيزات عسكرية أمريكية.. وحديث الحرب يتصاعد
بالتزامن مع المكالمة، عززت الولايات المتحدة وجودها العسكري في منطقة الكاريبي تحت لافتة "منع تهريب المخدرات"، لكن مسؤولين في الإدارة لم يخفوا الهدف الحقيقي:
"إزاحة مادورو عن السلطة، وربما بالقوة".
وتطرح هذه الخطوة تساؤلات ضخمة حول ما إذا كانت واشنطن تمهّد لعمل عسكري مباشر، أو تمارس ضغطًا مركّبًا لتحقيق استسلام سياسي دون إطلاق رصاصة واحدة.
مصادر داخل البنتاغون قالت إن خططًا متعددة كانت مطروحة منذ 2020، لكن نقص الأصول العسكرية في المنطقة كان دائمًا يعطّل أي تحرك واسع.
عرض نفطي ضخم.. ومادورو يحاول شراء الوقت

في أكتوبر الماضي، كشفت "نيويورك تايمز" أن مادورو قدّم عرضًا مفاجئًا لواشنطن شمل:
-
حصة كبيرة من حقول النفط الفنزويلية
-
فرصًا اقتصادية غير مسبوقة للشركات الأمريكية
في محاولة لخفض التوترات وكسب هدنة سياسية مع إدارة ترامب.
لكنّ المسؤولين الأمريكيين قطعوا تلك المفاوضات مطلع الشهر الماضي، بعد أن خلصوا إلى أن مادورو يناور للبقاء في السلطة دون تقديم أي تنازلات حقيقية.
هواجس أمنية تهدد حياة مادورو إن غادر السلطة
تقول مصادر أمريكية إن أحد أكبر التحديات التي تمنع مادورو من تقديم تنازلات هو:
"خوفه من أن ضباطه الكوبيين قد يعدمونه إذا استجاب للضغوط الغربية وتنحّى."
فنزويلا تعتمد منذ سنوات على الدعم الأمني والاستخباراتي الكوبي، الذي لعب دورًا محوريًا في حماية النظام منذ 2013.
كما أن فنزويلا تُعد حليفًا استراتيجيًا لخصوم واشنطن التقليديين:
إيران – روسيا – الصين، وهو ما يجعل سقوط النظام الفنزويلي قضية ذات أهمية جيوسياسية كبرى.
اتهامات أمريكية ثقيلة.. و"كارتل الشمس" في الواجهة
في ربيع 2020، وجّهت وزارة العدل الأمريكية تهمًا خطيرة لمادورو باعتباره:
"زعيمًا لعصابة تهريب مخدرات تُعرف بكارتل الشمس."
مادورو نفى الاتهامات تمامًا، واعتبرها "خيالًا سياسيًا أمريكيًا"، إلا أن تقارير استخباراتية أمريكية ربطت كبار الضباط الفنزويليين بالعصابة منذ عام 2007.
الشهر الماضي، رفض مجلس الشيوخ بفارق ضئيل مشروع قرار يمنع ترامب من اتخاذ عمل عسكري ضد فنزويلا، مما فتح الباب أمام خيارات أكثر صدامية.
من يقود خط المواجهة ضد فنزويلا داخل الإدارة الأمريكية؟

وفق مصادر رفيعة داخل البيت الأبيض:
"الصقر الحقيقي في الملف الفنزويلي هو دونالد ترامب نفسه، يليه ستيفن ميلر، ثم ماركو روبيو."
ورغم الاتهامات المتكررة لروبيو بأنه المحرك الأساسي للتصعيد، يؤكد مسؤولون أن الرئيس هو من يقود الملف بالكامل، وأن تعيين روبيو في موقعين حساسَين جاء لأنه "يعكس رغبات ترامب".
في عام 2019، عندما كان ترامب يدرس العمل العسكري عقب اتهام مادورو بسرقة الانتخابات، حاول روبيو ثنيه قائلاً:
"لا توجد أصول عسكرية كافية في المنطقة للضغط على مادورو بفاعلية."
لكن مع إطلاق عملية "الرمح الجنوبي"، وتعيين ريك جرينيل مبعوثًا خاصًا، بدا أن الإدارة تجمع بين سياسة "الشرطي الصالح والشرطي الشرير" في التعامل مع فنزويلا.
هل الحرب البرية على الأبواب؟
رغم أن المكالمة الهاتفية فتحت نافذة صغيرة للحوار، إلا أن المؤشرات الميدانية والسياسية تشير إلى أن واشنطن تستعد لمرحلة جديدة أكثر صدامية مع فنزويلا، خصوصًا مع استمرار العقوبات الاقتصادية، والتصنيفات الأمنية، والتعزيزات البحرية، والتوتر المتزايد داخل المؤسسة العسكرية الفنزويلية نفسها.
ورغم كل ذلك، يبقى السؤال:
هل تتحول فنزويلا إلى ساحة صراع جديدة في نصف الكرة الغربي؟ أم يبقى الحوار الهاتفي اليتيم بين ترامب ومادورو خيطًا أخيرًا يمنع الانفجار؟















