السعودية ثابتة والسعودين يكرهون اسرائيل
اسرار تتكشف بعد أيام من اللقاء الساخن بين الرئيس الأمريكي وولي العهد السعودي
ما لم يُعلن.. وما دار في الغرف المغلقة بين ترامب ومحمد بن سلمان بعد حرب غزة وتغيّر المزاج السعودي تجاه إسرائيل
في الوقت الذي ظهر فيه اللقاء بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في صورةٍ دبلوماسية هادئة أمام الإعلام، تكشف مصادر مطلعة أن ما جرى خلف الأبواب المغلقة كان مختلفًا تمامًا.
فبعد أيام قليلة من الاجتماع، بدأت تتسرب معلومات تشير إلى توتر شديد داخل الجلسة، خاصة عندما حاول ترامب الضغط على الرياض للانضمام لاتفاقيات "إبراهام" وتوقيع اتفاق تطبيع مع إسرائيل، بينما واجه بموقف سعودي شديد الصلابة أساسه غضب شعبي عارم من إسرائيل بعد مجازر غزة.
غضب سعودي شعبي يقطع الطريق على التطبيع
بحسب المصادر، شرح ولي العهد للرئيس الأمريكي أن الشعب السعودي—وخاصة بعد حرب غزة والمذابح الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل—يعيش حالة رفض تاريخي غير مسبوق لأي خطوة تطبيع.
وأبلغ الأمير محمد بن سلمان الجانب الأمريكي أن السعوديين يرون إسرائيل مسؤولة عن القتل والتجويع وتدمير غزة، وأن أي خطوة سياسية تتجاهل هذا المزاج ستكون انتحارًا سياسيًا داخل المملكة.

وأكدت المصادر أن ولي العهد قال لترامب بصراحة:
"المجتمع السعودي ليس مستعدًا... ولا يمكن لأي قيادة تجاهل غضب الناس بعد ما حدث في غزة."
ترامب يضغط بقوة.. لكن الرياض ترفض دون ثمن حقيقي
ووفقًا لوكالة "أكسيوس"، حاول ترامب تحقيق "اختراق دبلوماسي" قبل انتهاء حرب غزة، ورأى أن نجاح التطبيع مع السعودية سيكون أعظم إنجاز خارجي له في مرحلته الجديدة.
ووصل الأمر إلى أن:
-
ترامب طرح التطبيع بنفسه وبشكل شخصي.
-
استخدم نبرة أكثر صرامة من المعتاد.
-
تحدث عن "فرصة تاريخية لن تتكرر".
لكن رد الرياض كان واضحًا:
"لن يكون هناك تطبيع قبل مسار لا رجعة فيه لإقامة دولة فلسطينية."
ولي العهد طالب إسرائيل بـ:
-
مسار واضح ومحدد زمنيًا لقيام دولة فلسطينية.
-
ضمانات أمريكية حقيقية.
-
وقف أي مشاريع تقوّض حل الدولتين.
وهو ما تعتبره الحكومة الإسرائيلية "غير مقبول إطلاقًا".
وقالت المصادر إن المحادثات كانت "قاسية" من الداخل رغم أنها ظلت مؤدبة.
خيبة أمل أمريكية.. وترامب يغادر غير راضٍ
المصادر الأمريكية أكدت أن ترامب غادر اللقاء وهو منزعج، بعدما شعر أن الموقف السعودي أكثر صلابة مما توقع.
ورغم ذلك، حاول الرئيس الأمريكي إظهار أجواء إيجابية في المؤتمر الصحفي.
لكن في الحقيقة:
-
كان الجانبان بعيدين عن التفاهم.
-
السعودية لم تتزحزح عن شرط الدولة الفلسطينية.
-
ترامب لم يحقق ما كان يأمله من اختراق كبير.
صفقة F-35.. إعلان استعراضي بسقف منخفض
أعلن ترامب خلال المؤتمر عزمه تزويد السعودية بمقاتلات F-35 المتطورة، لكن مسؤولين أمريكيين أوضحوا لاحقًا أن ما ستحصل عليه الرياض هو نسخة مخفّفة ولن تمسّ التفوق العسكري الإسرائيلي.
وهو ما فُهم بأنه محاولة أمريكية:
-
لتهدئة الرياض،
-
دون إغضاب تل أبيب،
-
ودون تقديم تنازلات سياسية حقيقية.
ملف 11 سبتمبر.. ترامب يتجنب المواجهة
المفاجأة التي كشفتها "أكسيوس" هي أن ترامب لم يُثر نهائيًا قضية الدعوى القضائية التي رفعتها عائلات ضحايا 11 سبتمبر ضد السعودية، رغم أن قاضيًا أمريكيًا سمح مؤخرًا بالمضي فيها.
ويقول مصدر مطلع:
"ترامب لم يرغب في تعكير اللقاء… كان هدفه التطبيع فقط."
السعودية ثابتة… والتطبيع مجمّد
لقاء الغرف المغلقة كشف حقائق مهمة:
-
السعودية لن تطبّع دون دولة فلسطينية حقيقية، بجدول زمني واضح.
-
الغضب الشعبي السعودي بعد مجازر غزة يجعل التطبيع شبه مستحيل الآن.
-
ترامب فشل في تحقيق اختراق، وغادر منزعجًا رغم المظاهر الودية.
-
الإدارة الأمريكية تحاول كسب السعودية بوعود عسكرية مخففة لا تُغضب إسرائيل.
-
الرياض تدرك أن التطبيع بلا مقابل فلسطيني سيكون ثمناً فادحًا داخليًا وإقليميًا.
بهذا، يبدو أن المعركة السياسية الحقيقية لم تكن أمام الكاميرات، بل في تلك الجلسة المغلقة التي كشفت حجم التباين بين واشنطن والرياض، وحجم تأثير مذابح غزة على الموقف العربي الشعبي والرسمي.







