نيويورك تتمرّد على دولة الاحتلال.. انهيار نفوذ إسرائيل التاريخي في أهم مدن العالم رغم “خطة ترامب” ومسكنات واشنطن
تشهد مدينة نيويورك — التي طالما اعتبرتها إسرائيل "عاصمتها غير الرسمية" ومركز ثقلها السياسي والإعلامي داخل الولايات المتحدة — تحولات جذرية تهدد بنسف عقودٍ من النفوذ الإسرائيلي الراسخ. وبينما تحاول حكومة الاحتلال تقديم "خطة ترامب للسلام" كمسكن دولي مؤقت، يرفض الشارع الأمريكي، وتحديدًا نيويورك، هذه التغطية السياسية على الجرائم اليومية في غزة، في مشهد يعكس تراجعًا تاريخيًا غير مسبوق في مكانة إسرائيل وتأثيرها داخل الغرب.
فمنذ 7 أكتوبر — اليوم الذي كسر صورة الجيش الذي لا يُقهر، وأعاد فتح ملف الاحتلال والاستيطان والتهجير القسري — تتعرض إسرائيل إلى هزّة نفسية وسياسية ممتدة، لم تقتصر على الداخل بل تسللت إلى أهم المدن الغربية التي احتضنتها لعقود، وعلى رأسها نيويورك.
اليوم، نيويورك لا تتمرد فقط على سياسات الاحتلال، بل تكشف انهيار "أسطورة الدعم الأمريكي المطلق" التي اعتمدت عليها تل أبيب لتبرير حربها في غزة والتغطية على المجازر المستمرة.
ممداني.. السياسي الذي فجّر الزلزال داخل نيويورك
يمثل النائب التقدمي زهران ممداني العنوان الأبرز لهذا التحول. فظهوره في ساحات الاحتجاج الطلابي في جامعات كولومبيا ونيويورك، ودعمه الصريح للاعتصامات، شكّل لحظة فارقة قلبت المعادلة داخل المدينة.
لقد نقل ممداني القضية الفلسطينية من نطاق "نشاط طلابي" إلى قضية رأي عام حضرية، داخل مدينة كانت، طوال عقود، الحاضنة الأكبر لـ:
-
اللوبي الإسرائيلي
-
شبكات التمويل المؤيدة لإسرائيل
-
الإعلام اليهودي الأميركي
-
الطبقة السياسية التي دعمت الاحتلال دون شروط
المخاوف الإسرائيلية اليوم حقيقية، لأن صعود ممداني ليس حدثًا فرديًا، بل يعكس جيلًا سياسيًا كاملاً يرى في فلسطين جزءًا من معركته ضد الظلم والتمييز والهيمنة.
خطاب يخترق الجدار الحديدي للنفوذ الإسرائيلي
كان أخطر تصريح أدلى به ممداني هو إعلانه استعداده لاعتقال نتنياهو إذا دخل نيويورك، استنادًا إلى مذكرة المحكمة الجنائية الدولية.
هذا التصريح، بحسب الصحافة العبرية، "ضرب قلب المؤسسة الإسرائيلية" وأعاد فتح سؤال كان محرّمًا لسنوات:
هل أصبحت نيويورك مدينة غير آمنة سياسيًا للقيادة الإسرائيلية؟
وللمرة الأولى، يخرج سفراء ومسؤولون إسرائيليون ليعترفوا بأن النفوذ الإسرائيلي في المدينة يتآكل أمام:
-
صعود اليسار التقدمي
-
قوة الاحتجاجات الطلابية
-
النفور الشعبي من الحرب في غزة
-
انكشاف الأكاديميا الأميركية بعد تورطها في شراكات عسكرية مع الاحتلال
انهيار “الهيمنة الأكاديمية”

هاجم ممداني بشدة الشراكات بين الجامعات الأمريكية ومعهد "التخنيون" الإسرائيلي، مؤكداً أن هذه المؤسسات تتورط في:
-
تصنيع الطائرات دون طيار
-
تطوير الذخائر الذكية
-
تكنولوجيا المراقبة التي تستخدم في غزة
هذه اللغة كانت محرّمة قبل سنوات، أما اليوم فأصبحت جزءًا من خطاب سياسي رسمي داخل نيويورك.
7 أكتوبر.. اليوم الذي كسر الصورة

خلفية هذا التغير تعود إلى الصدمة الكبرى التي أصابت إسرائيل والعالم في 7 أكتوبر، حين أثبتت المقاومة أنها قادرة على تفكيك منظومة الأمن الإسرائيلية، وأسقطت:
-
هيبة جيش الاحتلال
-
ثقة الإسرائيليين في حكومتهم
-
السردية التي فرضتها إسرائيل على الغرب منذ 1948
ورغم خطة ترامب التي تحاول واشنطن بيعها للعالم بوصفها "حلًا واقعيًا"، ينظر إليها الشباب في نيويورك على أنها:
"مسكن سياسي هدفه تهدئة الرأي العام لا أكثر، بينما تستمر إسرائيل في ارتكاب الجرائم دون محاسبة."
تل أبيب مذعورة.. والدعوات للهجرة تتزايد

تبدو حالة الذعر داخل إسرائيل واضحة:
-
شبكات الأعمال اليهودية في نيويورك بدأت تفقد حضورها
-
تأثير اللوبي الإسرائيلي في الجامعات يتراجع
-
النخبة السياسية تخشى السفر للمدينة
-
محللون يهود يدعون صراحةً إلى هجرة اليهود من نيويورك نحو إسرائيل
صحيفة "إسرائيل هيوم" وصفت ما يجري بأنه:
"انهيار أهم قاعدة نفوذ لإسرائيل في الغرب."
جيل جديد يقلب المعادلة
تحذر مراكز الأبحاث الإسرائيلية من أن الجيل الجامعي — الذي يرفع العلم الفلسطيني في كولومبيا ونيويورك — "لن يعود إلى دعم إسرائيل مرة أخرى".
وتعتبر تل أبيب هذا أخطر تهديد استراتيجي على المدى الطويل، لأن:
-
الجامعات تصنع قادة المستقبل
-
الإعلام الأميركي بات أكثر جرأة في نقد الاحتلال
-
الجيل الجديد يرفض الرواية الإسرائيلية بالكامل
إن ما يجري هو تآكل بطيء لكنه عميق للدعم الأمريكي التقليدي لإسرائيل.
نيويورك تتغير… وإسرائيل تخسر آخر حصونها في الغرب
ما يحدث في نيويورك ليس مجرد موجة غضب عابرة، بل تحول تاريخي يعيد رسم شكل النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط.
إسرائيل التي كانت تعتمد على نيويورك كـ«قاعدة نفوذ»، تواجه اليوم مدينة:
-
تحتضن فلسطين
-
ترفض جرائم غزة
-
تفضح ازدواجية الخطاب الأميركي
-
وتتمرد على الهيمنة الإسرائيلية لأول مرة منذ عقود
ومهما حاولت تل أبيب ترويج خطة ترامب كطوق نجاة، فإن الواقع الجديد في نيويورك يثبت أن العصر يتغير… وأن النفوذ الإسرائيلي لم يعد ثابتًا كما كان.
















