تصاعد خطير في موجة العنف بليبيا.. اغتيال صانعة المحتوى خنساء مجاهد يتزامن مع الكشف عن مقتل ضابط مخابرات على يد ضابطين آخرين
شهدت ليبيا في الأيام الأخيرة تصاعدًا لافتًا في أعمال العنف، وسط حالة من الانفلات الأمني وتعدد الجهات المسلحة، مما عمّق المخاوف الشعبية بشأن مستقبل الاستقرار الداخلي. وفي تطور خطير أثار صدمة واسعة، شهدت البلاد جريمتين هزّتا الرأي العام خلال ساعات متقاربة: اغتيال صانعة المحتوى خنساء مجاهد غرب طرابلس، والكشف عن مقتل ضابط مخابرات ليبي على يد ضابطين آخرين من الجهاز نفسه، وهما الآن رهن الاعتقال والتحقيق.
اغتيال خنساء مجاهد.. جريمة جديدة تُشعل القلق الشعبي في طرابلس
مساء الجمعة، ضجّت العاصمة طرابلس بخبر مقتل صانعة المحتوى الليبية خنساء مجاهد عقب تعرضها لإطلاق نار كثيف داخل سيارتها في منطقة السراج غرب المدينة. الهجوم تم بشكل مباشر وسريع، ما أدى إلى وفاة الضحية في الحال داخل مركبتها.
وتداولت منصات التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تُظهر آثار الرصاص الذي اخترق زجاج السيارة، إلى جانب مشاهد للضحية ملقاة على الأرض عقب محاولتها النزول من المركبة والفرار عند بدء إطلاق النار، في محاولة أخيرة للنجاة.

شهود عيان أكدوا أن الضحية حاولت فتح باب السيارة والهرب، إلا أن المسلحين أطلقوا النار عليها مباشرة قبل أن تتمكن من الابتعاد. كما بقي محرك المركبة في وضع التشغيل لبضع دقائق بعد وقوع الجريمة، في مشهد يعكس سرعة الهجوم ودقته.
هل كان الاستهداف موجّهًا لزوج الضحية؟
تعمل خنساء مجاهد في مجال الأزياء والتجميل وتدير مشروعًا تجاريًا خاصًا، وهي زوجة القيادي الزاوي المعروف معاذ المنفوخ، العضو السابق في لجنة الحوار السياسي الليبي.
المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان أصدرت بيانًا رجّحت فيه أن الهجوم قد يكون موجهاً نحو زوجها لا إليها، مشيرة إلى أن السيارة التي استُهدفت كانت غالبًا تُقاد من قبله. كما ألمحت المؤسسة إلى احتمال وجود تورط لعناصر خارجة عن القانون مرتبطة بجهاز الأمن العام وبعض التمركزات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية.
وطالبت المؤسسة بفتح تحقيق موسّع وكشف هوية الجناة ومحاسبتهم، مؤكدة أن استمرار هذه الجرائم يُهدد السلم المجتمعي ويقوّض ثقة المواطنين بالمؤسسات الأمنية.

تحقيق عاجل وتوجيهات عليا
من جهته، وجّه وزير الداخلية عماد الطرابلسي بفتح تحقيق فوري في حادث الاغتيال، وتشكيل فريق من الجهات الأمنية والجنائية المختصة للتحري وجمع الأدلة، مع التأكيد على ضرورة ملاحقة الفاعلين وإحالتهم للقضاء بأسرع وقت.
الشارع الليبي بدوره عبّر عن غضب واسع على مواقع التواصل، حيث ندّد المستخدمون بتكرار عمليات الاغتيال واستهداف الناشطات وصناع المحتوى، وسط دعوات متزايدة لوضع حدّ لهذه الجرائم التي تتصاعد دون رادع واضح.
مقتل ضابط مخابرات على يد ضابطين آخرين.. القنبلة الأمنية التي انفجرت في الخلفية
في موازاة اغتيال خنساء، كشفت مصادر أمنية عن جريمة أخرى لا تقل خطورة، تمثلت في مقتل ضابط مخابرات ليبي رفيع المستوى على يد اثنين من زملائه الضباط داخل الجهاز نفسه، في حادثة تكشف حجم الفوضى التي تضرب الأجهزة الأمنية وضعف الانضباط داخل المؤسسات العسكرية.
وبحسب المعلومات الأولية، فقد تم توقيف الضابطين المتورطين وهما الآن رهن الاعتقال والتحقيق، في وقت تلتزم فيه الجهات الرسمية بالصمت المطبق حول تفاصيل الواقعة، وسط توقعات بصدور بيانات رسمية خلال الساعات المقبلة.
وتشكل هذه الحادثة مؤشرًا خطيرًا على اتساع الهوّة داخل المؤسسات الأمنية الليبية، وتزايد حالات الانقسام والاختراق، ما يعمّق الأزمة الأمنية ويزيد من صعوبة ضبط السلاح المنتشر بين الجماعات المسلحة وعناصر الأمن.
تصاعد العنف.. ليبيا أمام مفترق طرق
الجريمتان تشيران بوضوح إلى:
-
تدهور خطير في الوضع الأمني
-
غياب الردع وتعدد الجهات المسلحة
-
اختراق المؤسسات الأمنية نفسها
-
تزايد عمليات الاغتيال والتصفية الجسدية
ويرى مراقبون أن ليبيا اليوم أمام مفترق طرق حقيقي، فإما الشروع في إصلاحات أمنية جذرية تعيد هيبة الدولة، أو استمرار الانزلاق نحو موجة أعنف من الاغتيالات والاقتتال الداخلي.
تتداخل الحسابات السياسية مع الفوضى الأمنية
اغتيال خنساء مجاهد، مقتل ضابط مخابرات داخل مقر عمله، واعتقال ضابطين من الجهاز نفسه… كلها مؤشرات على أن الساحة الليبية تدخل مرحلة جديدة من عدم الاستقرار، حيث تتداخل الحسابات السياسية مع الفوضى الأمنية، ويصبح المدنيون والكوادر الأمنية على حدّ سواء ضحايا لصراع لا يبدو أن نهايته قريبة.




