زيارة نتنياهو للجولان تشعل غضبًا إيرانيًا… وردّ سوري ناعم يثير التساؤلات: رسالة موجهة للداخل والخارج
أثارت الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى المنطقة العازلة في الجولان السوري حالة من الغضب في طهران، وسط ردّ سوري بدا هادئًا على نحو لا ينسجم مع حجم الحدث وخطورته سياسيًا وأمنيًا، فيما رأت صحف إسرائيلية أن الزيارة بمثابة «رسالة استراتيجية» موجّهة لإيران وسوريا والولايات المتحدة وتركيا في آن واحد.
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن جولة نتنياهو الأمنية لم تكن مجرد زيارة عابرة، بل خطوة سياسية محسوبة بعناية، استوجبت حتى موافقة محكمة نتنياهو على إلغاء جلسة كاملة لإتاحة المجال أمامه للظهور العلني في الجولان، وهو ما اعتبرته الصحيفة جزءًا من «خطاب موجه للداخل والخارج»، هدفه التشكيك في مواقف القيادة العربية، وإظهار إسرائيل كصاحبة الكلمة العليا على الحدود السورية.

رسائل متعددة الاتجاهات… وقلق أمريكي وتركي
الوفد الذي رافق نتنياهو لم يكن عسكريًا فقط، بل ضمّ وزير الدفاع ورئيس الأركان ورئيس الشاباك ووزير الخارجية، ما يعكس — بحسب الصحيفة — أن الزيارة كانت تحمل «رسالة سياسية قبل أن تكون أمنية».
ووفق التحليل الإسرائيلي، أراد نتنياهو إيصال أربع رسائل أساسية:
1. رسالة إلى النظام السوري الجديد
بأن الجيش الإسرائيلي سيبقى منتشراً في تسعة مواقع داخل المنطقة العازلة، إضافة إلى تأكيد السيطرة على قمة جبل الشيخ التي تُعتبر مفتاح دمشق الاستخباراتي.
2. رسالة إلى إيران
أن تل أبيب مستمرة في منع أي وجود عسكري إيراني أو ميليشياوي داخل الجنوب السوري… وهي رسالة كانت واضحة ومباشرة، ما أثار غضب طهران ووسائل إعلامها التي رأت في الخطوة «استفزازًا سافرًا».
3. رسالة إلى تركيا
أن لإسرائيل مصالح أمنية ثابتة في سوريا، وأن أي ترتيبات شمالية أو جنوبية يجب أن تمر عبرها.
4. رسالة إلى البيت الأبيض والرئيس ترامب
في ظل «لغة الودّ» التي استخدمها ترامب تجاه الرئيس السوري في لقائه الأخير.
وقد أشارت الصحيفة إلى أن زيارة نتنياهو جاءت بعد أن رصدت تل أبيب إشارات تقارب بين واشنطن ودمشق، وهو ما أثار مخاوف إسرائيلية من احتمال تغيّر الموقف الأمريكي من المطالب السورية.

تل أبيب تتمسك بشروطها الأربعة… ودمشق تردّ بنبرة هادئة
وضع نتنياهو شروطًا قالت الصحيفة إنها «أساس أي تفاهم مستقبلي»:
-
منطقة منزوعة السلاح من دمشق حتى الأردن، وشرقًا إلى حوران.
-
منع الأسلحة الثقيلة والوجود المسلح للميليشيات الجهادية أو الشيعية.
-
الحفاظ على السيطرة الإسرائيلية على جبل الشيخ.
-
فتح ممر بري للدروز بين الجولان والعمق السوري.
-

أما رد دمشق فجاء «ناعماً»، على عكس المتوقع، إذ اكتفت وزارة الخارجية السورية بالتنديد واعتبار الزيارة «انتهاكًا خطيرًا لسيادة سوريا»، فيما أكّد مسؤول عسكري لوكالة رويترز أن الزيارة «دليل على أن إسرائيل لن تتراجع عن أي أرض تقدمت فيها».
سياسيًا، أدلى الرئيس السوري أحمد الشرع بتصريحات مفاجئة لصحيفة "واشنطن بوست"، أكد فيها استمرار السعي للتوصل إلى سلام، لكن وفق شرط واضح: عودة إسرائيل إلى حدود 1967. وهو ما فسره محللون بأنه خطاب مزدوج: تهدئة تجاه الغرب… ورسالة مبطنة لإسرائيل بأن «الحدود ليست للتفاوض».
خلافات إيرانية – سورية خلف الكواليس؟
ذكرت مصادر دبلوماسية أن طهران استغربت الرد السوري «غير المتناسب مع مستوى الاستفزاز الإسرائيلي»، ما أعاد طرح التساؤلات حول التوازنات الجديدة داخل سوريا بعد زيارة الشرع للبيت الأبيض.
وتخشى إيران، بحسب تقارير غربية، من أن تكون دمشق بصدد تقديم «تنازلات صامتة» في سبيل التقارب مع واشنطن، وهو ما يسعى نتنياهو لاستغلاله سياسيًا.
إسرائيل تحاول تأكيد نفوذها وموقعها في أي ترتيبات مستقبلية تخص سوريا
تأتي زيارة نتنياهو في توقيت بالغ الحساسية، حيث تتشابك المصالح الإقليمية بين واشنطن وأنقرة وطهران ودمشق، بينما تحاول إسرائيل تأكيد نفوذها وموقعها في أي ترتيبات مستقبلية تخص سوريا.
وبين الغضب الإيراني والهدوء السوري والاستعراض الإسرائيلي… يبقى الجنوب السوري مرشحًا لمزيد من التوتر، وربما لمواجهات غير مباشرة في المرحلة المقبلة.















