صدمة سياسية في بنغلاديش: حكم بالإعدام على الشيخة حسينة بعد عام من الإطاحة بها
شهدت بنغلاديش واحدة من أكثر اللحظات السياسية إثارة للجدل في تاريخها الحديث، بعدما قضت محكمة في العاصمة دكا يوم الإثنين بإعدام رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة غيابياً، بعد إدانتها بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال فترة حكمها التي تجاوزت 15 عامًا متواصلة.
وجاء الحكم وسط مشهد قضائي مكتظ بالحضور، في جلسة حملت الكثير من التوترات السياسية والاجتماعية، بينما اعتبر مراقبون أن القرار سيعيد تشكيل المشهد السياسي في البلاد لعقود قادمة.
القاضي يعلن الحكم: إدانة شاملة بثلاث تهم بينها التحريض وإصدار أوامر بالقتل
تفاصيل الاتهامات الثقيلة
قال القاضي غلام مورتوزا موزومدير أثناء قراءة الحكم:
"الشيخة حسينة أدينت بثلاث تهم… بينها التحريض، وإصدار أوامر بالقتل، وعدم التحرك لمنع وقوع فظائع".
وأضاف القاضي أن المحكمة قررت عقوبة واحدة في مجموع هذه التهم، وهي:
الإعدام.
ويُعد هذا الحكم هو الأخطر والأعلى في تاريخ محاكمة رؤساء الحكومات في جنوب آسيا خلال السنوات الأخيرة.
وقد صدر الحكم غيابياً، نظرًا لأن حسينة لم تعد داخل البلاد بعد الإطاحة بحكمها في أغسطس/آب الماضي.
رد الشيخة حسينة: "محكمة غير قانونية… دوافع سياسية واضحة"
أول تعليق من رئيسة الوزراء السابقة

في بيان مقتضب صدر بعد النطق بالحكم، قالت حسينة:
"إن الأحكام الصادرة في حقي أصدرتها محكمة غير قانونية… عينتها حكومة غير منتخبة وبدون تفويض ديمقراطي".
وأضافت:
"إنها أحكام متحيزة ودوافعها سياسية".
هذا التصريح يعكس استمرار الصراع السياسي الحاد داخل بنغلاديش، بين الحكومة المؤقتة المدعومة من الطلاب والجيش، وبين أنصار حسينة الذين يعتبرون ما حدث "انقلابًا غير مكتمل".
احتجاجات العام الماضي: من شرارة طلابية إلى انتفاضة شعبية أطاحت بحسينة
بداية الشرارة مع نظام الحصص
اندلعت الأزمة في يوليو/تموز 2024 عندما خرجت حركة طلابية ضخمة مطالِبة بإلغاء نظام الحصص التمييزي في التوظيف الحكومي، والذي تسبب في إحباط واسع بين الشباب في بلد يعاني من ارتفاع معدلات البطالة.
تحوّل الاحتجاجات إلى انتفاضة وطنية
ما بدأ بحركة طلابية سرعان ما تحول إلى انتفاضة شعبية ضد حكم حسينة بسبب:
-
فساد واسع النطاق داخل النخبة الحاكمة
-
القمع السياسي وتضييق الحريات
-
السيطرة على القضاء والإعلام
-
تدهور الوضع الاقتصادي
-
ارتفاع البطالة وإحباط الشباب
ومع اتساع رقعة الاحتجاجات، تصاعدت المواجهات وتحوّلت إلى عنف شديد، أدّى إلى مقتل أكثر من 500 شخص خلال أسابيع.
سقوط الحكومة: الجيش ينحاز للشعب ويجبر حسينة على مغادرة البلاد
اللحظات الحاسمة

في 3 أغسطس2024، ومع اتساع رقعة العنف، أصدرت حسينة قرارًا بنشر الجيش لقمع المحتجين.
لكن هذا القرار فجّر غضبًا داخل المؤسسة العسكرية نفسها، حيث رفض الضباط الشباب استخدام القوة ضد المدنيين.
عقد قائد الجيش الجنرال واكر الزمان اجتماعًا سريًا مع الضباط من رتبة رائد إلى عقيد، الذين أعلنوا بالإجماع رفضهم للعنف ضد الشعب، وفقًا لتقرير من وول ستريت جورنال.
إعلان الاستقالة والفرار
وبعد يومين فقط، ظهر قائد الجيش ليعلن:
-
استقالة الشيخة حسينة
-
مغادرتها البلاد تحت ضغط شعبي وعسكري
وفي 5 أغسطس/آب، اقتحم المتظاهرون مقر إقامة رئيسة الوزراء، ما دفعها للهرب على متن مروحية عسكرية إلى الهند.
خلف الكواليس: لماذا تخلّى الجيش عن حسينة رغم “النسب العائلي”؟
علاقات متشابكة ومعادلة شديدة الحساسية
الكثيرون تفاجأوا من موقف قائد الجيش واكر الزمان، خاصة أنه متزوج من ابنة عم الشيخة حسينة.
لكنّ ضباط الجيش الصغار لعبوا دورًا محوريًا في تغيير القرار داخل المؤسسة العسكرية.
وقال الجنرال المتقاعد نعيم أشفق شودري:
"رأى قائد الجيش الوحدة غير المسبوقة بين الناس وفهم عدم شعبية حسينة بين الضباط".
وقد تزايدت الإدانة الدولية بسبب استخدام القوة المفرطة، ما جعل الجيش ينأى بنفسه عن الاستمرار في دعم حكومة حسينة.
حكومة محمد يونس المؤقتة: تحديات ضخمة وسط فراغ أمني وانهيار المؤسسات
بعد سقوط حسينة، أعلن الجيش دعمه للمعارض البارز محمد يونس، الحائز على جائزة نوبل للسلام، والذي اختاره الطلاب لقيادة الحكومة الانتقالية.
واقع معقد
لكن الوضع الحالي في بنغلاديش يتميز بـ:
-
انهيار شبه كامل في جهاز الشرطة
-
فوضى في الوزارات والمؤسسات
-
ضعف قدرة الحكومة المؤقتة على فرض النظام
-
استمرار احتجاجات مجموعات أمنية للمطالبة بتحسين الرواتب
وفي ظل ذلك، يتدخل الجيش من حين لآخر لضبط الأمن، دون رغبة واضحة في تولي الحكم مباشرة.
الشيخة حسينة وحيدة بعد تخلي الجميع عنها
-
محكمة في بنغلاديش قضت بإعدام الشيخة حسينة غيابياً بعد اتهامها بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
-
حسينة ترد بأن الحكم صادر عن "محكمة غير قانونية" وأنه ذو دوافع سياسية.
-
الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بها بدأت بحركة طلابية ثم تحولت إلى انتفاضة واسعة.
-
الجيش تخلّى عن دعم حسينة بعد رفض داخلي لاستخدام القوة.
-
بنغلاديش تعيش مرحلة انتقالية معقدة تقودها حكومة محمد يونس بدعم الجيش والطلاب.




