فنزويلا تستعد لغزو بري أمريكي بتشكيل ميليشيات محلية وتوزيع أسلحة روسية قديمة
في تصعيد جديد للأزمة المتفاقمة بين فنزويلا والولايات المتحدة، أعلنت كاراكاس استعدادها الشامل لمواجهة أي غزو بري محتمل من قبل الجيش الأمريكي. ويشمل هذا الاستعداد توزيع أسلحة روسية قديمة على المواطنين، وتشكيل ميليشيات محلية في الأحياء والقرى، إضافة إلى إجراء مناورات عسكرية واسعة النطاق بمشاركة القوات المسلحة والشرطة وقادة المجتمع المحلي.
الخطوات الجديدة تعكس تحوّل فنزويلا إلى استراتيجية المقاومة الشعبية وحرب العصابات، في ظل ما تصفه الحكومة بأنه "تهديد مباشر للأمن القومي" بعد تحركات عسكرية أمريكية متزايدة في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ.
تصريحات وزير الدفاع الفنزويلي: “سندافع عن الوطن مهما كانت التهديدات”
في بيان بثّه التلفزيون الرسمي، أكد وزير الدفاع الفنزويلي الجنرال فلاديمير فيديرينو لوبيز أن بلاده "ستواصل الاستعداد بكل عزم للدفاع عن الوطن في جميع المجالات، مهما كانت التهديدات".
وأضاف أن الجيش الفنزويلي يعمل على تعزيز قدراته الدفاعية من خلال تدريب الوحدات القتالية والميليشيات المحلية على تكتيكات الحرب غير النظامية، استعدادًا لأي مواجهة عسكرية مباشرة.

البيان جاء في وقتٍ تتزايد فيه المخاوف من تدخل عسكري أمريكي مباشر، بعد تقارير عن تحركات بحرية وجوية مكثفة للولايات المتحدة بالقرب من السواحل الفنزويلية.
مناورات عسكرية شاملة لحماية المجال الجوي
أعلنت الحكومة الفنزويلية عن بدء مناورات عسكرية واسعة النطاق تهدف إلى حماية المجال الجوي من أي عدوان أجنبي محتمل.
المناورات تشمل مشاركة الجيش والميليشيات المحلية والشرطة وقادة المجتمع المحلي الموالين لحكومة الرئيس نيكولاس مادورو، وتركز على تنسيق الجهود بين القوات النظامية والقوات الشعبية لمواجهة الغزو البري والضربات الجوية.
هذه المناورات، التي وُصفت بأنها “الأكبر منذ عقد”، تأتي في إطار سياسة "الدفاع الشامل" التي أعلن عنها مادورو العام الماضي، وتستند إلى مفهوم تحويل كل منطقة سكنية إلى جبهة مقاومة.
![بأسلوب حرب العصابات..فنزويلا تستعد لمواجهة أي هجوم أمريكي محتمل - [İLKHA] وكالة إيلكا للأنباء](https://ilkha.com/img/NewsGallery/2025/11/12/490862/FeaturedImage/64270c4e-3c84-4260-8b5f-b542fc6300ee.webp)
توزيع الأسلحة الروسية القديمة وتشكيل “خلايا مقاومة”
كشفت وكالة رويترز أن الجيش الفنزويلي بدأ بالفعل توزيع أسلحة روسية قديمة، في مقدمتها بنادق كلاشينكوف ومدافع مضادة للطائرات من طرازات تعود إلى التسعينيات.
ووفقًا لتقارير استخباراتية ووثائق حصلت عليها الوكالة، فإن الهدف من ذلك هو إنشاء “خلايا مقاومة” مدنية صغيرة مُدربة على حرب العصابات، قادرة على تنفيذ عمليات تخريبية وتكتيكات دفاع غير تقليدية في حال وقوع هجوم بري أمريكي.
أزمة في الموارد البشرية
تشير التقارير إلى أن الجيش الفنزويلي يعاني من نقص حاد في القوى العاملة والمعدات الحديثة، حيث اضطرت بعض وحداته إلى توقيع عقود مع شركات إنتاج أغذية لتوفير الطعام للجنود.
وبسبب هذا الواقع، لجأت الحكومة إلى خيار “التعبئة الشعبية”، عبر تسليح المدنيين وتدريبهم على القتال في 280 موقعًا مختلفًا في أنحاء البلاد ضمن خطة سُمّيت “المقاومة المطوّلة”.
خلفية الأزمة: توتر متصاعد مع الولايات المتحدة
تأتي هذه التحركات بعد تصاعد التوتر بين فنزويلا وواشنطن، خاصة بعد إعلان إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إرسال حاملة الطائرات "جيرالد فورد" ومجموعتها الهجومية إلى منطقة القيادة الجنوبية الأمريكية في أمريكا اللاتينية.
كما تتمركز مجموعة هجومية أخرى تُعرف باسم "إيو جيما" في البحر الكاريبي، إلى جانب سفينتين صاروخيتين تعملان بالقرب من الساحل الفنزويلي.
وفي الشهرين الماضيين، نفّذت القوات الأمريكية 19 غارة جوية في المحيطين الكاريبي والهادئ، أسفرت عن مقتل 75 شخصًا على الأقل. وقد برّر ترامب هذه الهجمات بأنها تستهدف عصابات المخدرات المرتبطة بمنظمات إرهابية أجنبية، بينما لم تقدّم الإدارة أي أدلة على هذه المزاعم.
ردود فعل دولية غاضبة
أثارت الهجمات الأمريكية الأخيرة موجة انتقادات دولية، حيث أعلنت بريطانيا وكولومبيا وقف تبادل المعلومات الاستخباراتية مع واشنطن بشأن تجارة المخدرات، معتبرتين أن الضربات غير قانونية.
وفي السياق ذاته، صرّح وزير الخارجية الفرنسي نويل بارو بأن “الضربات الأمريكية ضد مهربي المخدرات في الكاريبي تنتهك القانون الدولي”، داعيًا إلى ضبط النفس وفتح قنوات دبلوماسية للحوار مع فنزويلا.
احتمالات التصعيد: هل تتجه المنطقة نحو مواجهة مفتوحة؟
يرى مراقبون أن تسليح المدنيين وتشكيل الميليشيات في فنزويلا مؤشر خطير على احتمال انزلاق البلاد إلى حرب استنزاف طويلة، في حال تنفيذ الولايات المتحدة أي عملية عسكرية.
وفي المقابل، تحاول واشنطن الضغط اقتصاديًا وسياسيًا عبر العقوبات والعزل الدبلوماسي، بينما تراهن حكومة مادورو على الدعم الروسي والإيراني والصيني لمواجهة الضغوط الأمريكية.
تواصل كاراكاس استعداداتها العسكرية وتعبئة الشعب في وجه ما تعتبره "عدوانًا محتملاً
تبدو فنزويلا اليوم على أعتاب مرحلة حساسة من تاريخها الحديث، إذ تتقاطع فيها التحديات الداخلية بالضغوط الخارجية.
وبينما تواصل كاراكاس استعداداتها العسكرية وتعبئة الشعب في وجه ما تعتبره "عدوانًا محتملاً"، يبقى مستقبل الأزمة مرهونًا بما إذا كانت واشنطن ستغامر بتصعيد عسكري مباشر، أم ستكتفي بسياسة الردع والتهديد.
وفي كلتا الحالتين، فإنّ شبح الحرب يخيّم من جديد على أمريكا اللاتينية وسط أزمة اقتصادية خانقة وأجواء سياسية متوترة.





