فضيحة تكشف أطماع الاحتلال.. حركة إسرائيلية تعرض أراضي جنوب لبنان للبيع ضمن مشروع استيطاني
أعلنت حركة استيطانية إسرائيلية تُعرف باسم "أوري تسافون" عن عرض أراضٍ وعقارات في جنوب لبنان للبيع، في خطوة اعتبرها مراقبون استفزازًا سافرًا وانتهاكًا صارخًا للسيادة اللبنانية، قد يشكّل تمهيدًا لمرحلة جديدة من الاستعمار الاستيطاني المقنّع في المنطقة الحدودية.
مشروع استيطاني جديد تحت غطاء الاستثمار
ونشرت الحركة، عبر منصاتها الرسمية، خريطة مفصلة للبلدات الواقعة في منطقة جنوب الليطاني، من مصب نهر الليطاني على البحر المتوسط شمالًا حتى بلدة كفركلا، مرورًا بالبقاع الغربي وحاصبيا ومزارع شبعا، إضافةً إلى أربع مدن رئيسية هي صور، بنت جبيل، مرجعيون، وحاصبيا.
وأطلقت الحركة على هذه المناطق أسماء عبرية جديدة، في محاولة لتكريس هوية مزيفة للأراضي اللبنانية، وقدّمت عروضًا استثمارية قالت إنها "لشراء أراضٍ مستقبلية لمستوطنات جديدة"، محددةً أسعارًا تبدأ من 300 ألف شيكل إسرائيلي (حوالي 80 ألف دولار أمريكي) للقطعة الواحدة، في ما وصفه المراقبون بأنه أخطر حملة تزوير عقاري وسياسي تطلقها جهات إسرائيلية منذ عقود.
خرائط استعمارية وخطة لإعادة رسم الحدود
وأشارت تقارير تلفزيونية لبنانية، من بينها تقرير قناة "الجديد"، إلى أن الخريطة المنشورة تتطابق مع الخرائط العسكرية الإسرائيلية القديمة التي تعتبر منطقة جنوب الليطاني "نطاقًا أمنيا حيويًا لإسرائيل"، ما يؤكد أن الخطوة ليست مجرد دعاية عقارية، بل جزء من مشروع استيطاني منظم يهدف إلى إعادة ترسيم الحدود الجنوبية للبنان وشرعنة الاحتلال في المناطق المتنازع عليها مثل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
وأكدت مصادر لبنانية أن هذه الخطة تمثل جريمة سياسية وتاريخية بحق لبنان، وتشكل اعتداءً مباشرًا على أراضيه وسيادته الوطنية، داعيةً الحكومة اللبنانية والمجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لوقف هذه المهزلة الاستيطانية التي تتناقض مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
جرائم الاحتلال تتواصل جنوبًا
تأتي هذه الخطوة الاستفزازية في وقتٍ تواصل فيه إسرائيل اعتداءاتها اليومية على الجنوب اللبناني، من خلال القصف المدفعي والجوي المتكرر على القرى الحدودية، واستهداف المنازل والبنى التحتية في مناطق مثل الناقورة، عيتا الشعب، رميش، ومارون الراس، ما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا المدنيين وتشريد مئات العائلات من قراهم.
وتؤكد منظمات حقوقية دولية، منها هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية (أمنستي)، أن ما تقوم به إسرائيل من قصف للمدنيين والبنى التحتية في لبنان يرقى إلى جرائم حرب بموجب القانون الإنساني الدولي، مشيرة إلى استهداف المدارس والمستشفيات ومراكز الإيواء في خروقات ممنهجة لاتفاقيات جنيف.
الرد اللبناني والعربي
من جانبها، أدانت الحكومة اللبنانية الإعلان الإسرائيلي ووصفت الخطوة بأنها استفزاز مرفوض ومحاولة جديدة لشرعنة الاحتلال عبر أدوات مدنية مزعومة، مؤكدة أنها ستتخذ الإجراءات القانونية والدبلوماسية اللازمة للتصدي لهذه الانتهاكات بالتنسيق مع الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.
كما طالب وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب المجتمع الدولي بضرورة ردع إسرائيل عن مواصلة جرائمها في الجنوب اللبناني، محذرًا من أن السكوت عن هذه الخطوات قد يؤدي إلى تفجير أمني جديد في المنطقة.
وأكدت الجامعة العربية بدورها أن هذا التطور الخطير يعكس استهتار إسرائيل بالقانون الدولي واستمرارها في سياسة التوسع وضم الأراضي بالقوة، داعية مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين.
الاحتلال لا يكتفي بأرض فلسطين
يرى محللون أن إعلان "أوري تسافون" يمثل تحولًا نوعيًا في الفكر الاستيطاني الإسرائيلي، إذ لم يعد يقتصر على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بل بدأ يتطلع إلى توسيع نفوذه شمالًا نحو لبنان وسوريا، في إطار ما يسمى بـ"إسرائيل الكبرى" التي طالما تحدثت عنها تيارات اليمين المتطرف في تل أبيب.
ويؤكد المراقبون أن هذه السياسات تعكس طبيعة الاحتلال القائمة على التوسع والاستيلاء تحت شعارات زائفة، وأن إسرائيل تستغل الفوضى الإقليمية لتوسيع مشروعها الاستعماري عبر أدوات اقتصادية واستيطانية مغلفة بخطاب الاستثمار والتنمية.
محاولات طمس الهوية العربية للأراضي المحتلة
تؤكد هذه الحادثة مجددًا أن الاحتلال الإسرائيلي لا يتوقف عن محاولات طمس الهوية العربية للأراضي المحتلة، وأن ما يحدث في جنوب لبنان اليوم ليس سوى امتدادٍ لجرائم التهويد والاستيطان التي طالت فلسطين منذ أكثر من سبعة عقود.
ويبقى على المجتمع الدولي والعربي أن يتعامل بجدية مع هذه التهديدات التي تمسّ أمن لبنان واستقراره، وتكشف بوضوح أن الاحتلال لا يعرف حدودًا ولا يعترف بسيادة أي دولة حين يتعلق الأمر بمطامعه التوسعية.














