تركيا على صفيح ساخن.. النيابة تطالب بسجن إمام أوغلو 2352 عامًا في قضية يُنظر إليها كـ”انتقام سياسي” من أبرز منافسي أردوغان
العدالة أم الانتقام السياسي؟
في تطور جديد يعكس تصاعد الصراع السياسي داخل تركيا، طالبت النيابة العامة التركية بتوقيع عقوبة سجن خيالية تصل إلى 2352 عامًا بحق أكرم إمام أوغلو، عمدة إسطنبول المعزول وأحد أبرز وجوه المعارضة المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري، وذلك وفق ما نقلته شبكة "تي إن تي" التركية.
التحرك القضائي ضد إمام أوغلو، الذي يُعد المنافس الأبرز للرئيس رجب طيب أردوغان، يُنظر إليه على نطاق واسع كجزء من حملة انتقام سياسي تهدف إلى إضعاف رموز المعارضة قبل أي استحقاقات انتخابية مقبلة.
تفاصيل الاتهامات: من الإرهاب إلى غسل الأموال

جاءت لائحة الاتهام الصادرة عن النيابة بعد نحو ثمانية أشهر من توقيف إمام أوغلو وإقالته من منصبه، حيث تضمنت التهم:
-
تأسيس وقيادة منظمة إجرامية.
-
الفساد وتلقي الرشاوى.
-
غسل الأموال وتمويل أنشطة غير قانونية.
-
تهم أخرى تتعلق بـ"الإضرار بالأمن العام" و"سوء استخدام المنصب".
ووفقًا لشبكة "سي إن إن تورك"، فإن الملف القضائي يتألف من 3900 صفحة ويشمل 402 من المشتبه بهم، مما يعكس ضخامة القضية التي تُثار حولها تساؤلات عن توقيتها ودوافعها السياسية.
دفاع إمام أوغلو: “محاكمة سياسية بامتياز”
محامي إمام أوغلو نفى جميع الاتهامات الموجهة إلى موكله، واصفًا إياها بأنها "لا أساس لها من الصحة"، مؤكدًا أن القضية ليست سوى محاولة سياسية لإسكات صوت المعارضة.
وقال في تصريحات لوسائل إعلام محلية:
"إمام أوغلو خدم إسطنبول بشفافية ونزاهة، وكل ما يجري هو تصفية حسابات سياسية تهدف إلى منعه من خوض أي انتخابات مقبلة."
ويؤكد المقربون من إمام أوغلو أن هذه الحملة تأتي بعد تزايد شعبيته خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد فوزه الساحق في انتخابات بلدية إسطنبول عام 2019، والتي مثّلت ضربة موجعة لحزب العدالة والتنمية الحاكم.
إسطنبول... عقدة أردوغان التاريخية
يرى مراقبون أن مدينة إسطنبول، التي تمثل مركز الثقل السياسي والاقتصادي في تركيا، لا تزال نقطة حساسة بالنسبة لأردوغان، الذي بدأ منها مسيرته السياسية عندما شغل منصب عمدة المدينة في التسعينيات.
ومنذ أن خسر حزب العدالة والتنمية السيطرة على بلدية إسطنبول لصالح إمام أوغلو، لم تهدأ محاولات السلطة لإعادة المدينة إلى قبضتها.
ويعتبر كثيرون أن ما يجري اليوم هو امتداد لمعركة النفوذ بين أردوغان ومعارضيه، حيث تسعى الحكومة إلى الحد من تأثير الشخصيات المعارضة التي تحظى بشعبية واسعة.

احتجاجات وغضب شعبي متصاعد
إقالة إمام أوغلو واعتقاله في مارس الماضي أشعلا موجة احتجاجات ضخمة في إسطنبول وعدد من المدن التركية، وُصفت بأنها الأوسع منذ أكثر من عقد.
وردّد المحتجون شعارات تطالب بـ"الحرية للمعارضة" و"إنهاء استغلال القضاء في تصفية الخصوم السياسيين"، في مشهد يعيد إلى الأذهان مظاهرات "حديقة غيزي" عام 2013.
في المقابل، تصر الحكومة على أن القضية "قانونية بحتة" ولا علاقة لها بالسياسة، فيما يرى مراقبون أن توقيت الاتهامات وطبيعة العقوبة المطلوبة يشيران إلى محاولة واضحة لإبعاد إمام أوغلو عن الساحة السياسية.
تركيا أمام مفترق طرق سياسي
القضية الجديدة ضد أكرم إمام أوغلو تضع تركيا في مواجهة تساؤلات دولية حول استقلالية القضاء وحدود الصراع السياسي الداخلي.
وبينما يؤكد أنصاره أن ما يحدث هو "انتقام سياسي من أبرز منافسي أردوغان"، تحاول السلطات تبرير موقفها بالإجراءات القانونية.
وفي ظل هذا المشهد المحتقن، يبدو أن تركيا تتجه نحو مرحلة جديدة من التصعيد السياسي، حيث تتحول المحاكم إلى ساحة صراع بين السلطة والمعارضة، في معركة تتجاوز حدود إسطنبول لتطال مستقبل الديمقراطية التركية بأكملها.

















