من المستفيدون من شائعة حريق المتحف المصري الكبير؟ أصابع الاتهام وأهداف الترويج
أغبياء الذكاء الأصناعي وفن صناعة التضبليل في حريق المتحف المصري
بينما يواصل المتحف المصري الكبير اعتباره رمزاً حضارياً ودليلاً على قدرة مصر في استعادة مكانتها الثقافية العالمية، ظهرت شائعة مؤخراً عن وقوع حريق هائل بدا وكأنه يستهدف هذا الصرح القومي. وبالرغم من نفي السلطات المصرية الرسمي، فإن السؤال الأهم الذي يطرح نفسه: من المستفيد فعلياً من مثل هذه الشائعات؟ وما هي الأهداف الحقيقية خلفها؟ هذا التقرير يستعرض أبرز الفئات التي قد تستفيد، والآليات التي تُستخدم في الترويج، والأهداف المحتملة لهذا النوع من التضليل الإعلامي.
من هم المستفيدون المحتملون؟
-
صانعو المحتوى/سبام الشبكات الاجتماعية
-
بعض الحسابات المجهولة أو الأقل متابعة تنشأ منشورات ومقاطع فيديو مثيرة لجذب التفاعل أو "الزيارات" (Clicks) والإعلانات، أو تهدف إلى زيادة عدد المتابعين على منصات السوشيال.
-
ربح التفاعل يُعد هدفاً تجارياً، فكل موجة شائعة تُعد فرصة لتحقيق نسب مشاهدة أو انتشار أكبر، وبالتالي ربما دخل إعلاني أو جذب راعٍ لمحتوى مثير.
-

-
وفي هذه الحالة، تمّ تداول الصور والفيديوهات المزيفة عن الحريق، والتي وصفها الجانب الرسمي بأنها «مزيفة بتقنيات الذكاء الاصطناعي» — ما يشير إلى أن صناعة المحتوى كانت متعمدة للتضليل.
-
-
أطراف سياسية أو معارضة أو خارجية
-
في بعض الأحيان يتمّ استهداف مؤسسات حكومية أو صروح وطنية بغرض التأثير على الرأي العام أو زعزعة الثقة في الدولة.
-
إذا نظرنا إلى المتحف كمشروع قومي كبير يُعد رمزاً للإنجاز والتنمية، فإن نشر شائعة حريق فيه يسعى ـ ربما ـ إلى إضعاف هذا الرمز أو تشويهه، ما يعطي رسالة ضمنية بـ «عدم الاستقرار» أو «ضعف الحماية».
-
قد يكون المستفيد أيضاً من هذا الأمر بعض الأطراف التي تريد تسليط الضوء على قضايا الرقابة أو الشفافية أو المعايير الأمنية، سواء داخلياً أو خارجياً.
-
-
منصات الأخبار المزيفة / مشغّلو الأخبار الوهمية
-
الأسواق الرقمية اليوم تتيح لأية جهة أو فرد نشر أخبار كاذبة بسرعة، وقد يستفيد أصحابها مادياً أو سياسياً من خلط الحقيقة بالوهم.
-
في بعض الحالات، يُستخدم ذلك كــ «ذخيرة إعلامية» لتشتيت الانتباه عن قضايا أخرى مهمة أو التشويش على مشروع كبير، في هذا الحالة المتحف.
-

-
أصابع الاتهام وآليات الترويج
-
تم تحليل الصور المنتشرة على الشبكة ولاحظ الخبراء أنها مصنوعة رقمياً أو معدلة باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، حيث تم إدراج لهب ودخان في لقطات من المتحف.
-
لا يوجد مصدر معتمد أو مقطع فيديو موثوق يُظهر الحريق — وهو ما أكدته الجهات الرسمية.
-
ظهور الشائعة في توقيت حساس: بعد افتتاح المتحف أو أثناء تسليط الضوء على المشروع، يجعلها تبدو كراسة ضغط أو تشويه للإنجاز.
-
استخدام الحسابات أو المنصات الأقل رقابة التي تنشر بسرعة دون تحقق، وانتقالها سريعاً إلى الحسابات الأكبر قبل أن يتم نفيها — يزيد من تأثيرها وانتشارها قبل تدخل الرقابة أو التصحيح.
الأهداف المحتملة وراء الشائعة
-
تقويض ثقة الجمهور في الدولة ومشاريعها القومية: عندما يُعتقد أن متحفاً ضخماً تم حرقه أو تعرض لخطر، يُرسل ذلك رسالة بأن الإنجازات معرضة للخطر ولا توجد حماية.
-
توريط الأجهزة الأمنية والثقافية في جدل سلبي: قد يُنظر إلى الأمر كفشل إداري أو رقابي حتى لو لم يحدث فعلياً — مما يفتح باب السؤال عن شفافية المشروع واستعداده.
-
توجيه الرأي العام نحو القلق أو الإحباط: الشائعات تخلق توتراً نفسياً، وتجعل المواطن في حالة ترقب أو شك، وهو ما يمكن أن يُستثمر في سياقات سياسية أو إعلامية أوسع.
-
جذب التفاعل وجني الأرباح الرقمية: كما ذُكر، بعض الجهات تربح من التفاعل الحاد والمشاركة الواسعة — الشائعات تولّد انتشاراً أسرع من الأخبار العادية.
-
تشتيت الأنظار عن أخبار إيجابية أو تغييرات هامة: قد تُستخدم هذه الشائعات كغطاء إعلامي أو لتشتيت الانتباه عن أمر أكبر مثل إصلاح أو تغيير في الإدارة أو الكشف عن مشروع آخر.
مثال حي على مدى قوة وسائل التواصل في صناعة الواقع المزيف
إن شائعة حريق المتحف المصري الكبير لم تكن مجرد خبر عابر، بل مثال حي على مدى قوة وسائل التواصل في صناعة الواقع المزيف وما يمكن أن تنتجه من أزمات ثقة.
وقد تبين أن هناك مستفيدين واضحين من سطحية التحقق والإثارة، سواء كانوا صناع محتوى له أغراض تجارية، أو أطرافاً تسعى لتشويه إنجاز كبير، أو من يدخلون الحلبة الرقمية لتحقيق شهرة.
والرسالة الأهم هنا هي:
“المعلومة ليست بقدر انتشارها، بل بقدر تحققها”.
ففي زمن الصور المُعلّبة والذكاء الاصطناعي، يصبح السؤال ليس ما نراه، وإنما: مَن صنعه ولماذا؟





