مغالطة تاريخية لياسر جلال في الجزائر.. حول إرسال قوات جزائرية إلى ميدان التحرير بعد نكسة 67
تصريح فني يتحول إلى عاصفة تاريخية
تحول حضور الفنان ياسر جلال في مؤتمر وهران السينمائي بالجزائر إلى قضية جدلية كبرى بعد أن أدلى بتصريح أثار موجة واسعة من السخرية والتكذيب على مواقع التواصل الاجتماعي، حين تحدث عن إرسال الجزائر جنود صاعقة إلى ميدان التحرير بالقاهرة بعد نكسة 1967 لحماية المواطنين المصريين.
جلال قال خلال كلمته في المؤتمر:
"والدي حكالي إن بعد حرب 67 طلعت إشاعة إن إسرائيل هتعمل إنزال في ميدان التحرير وتعمل عمليات تخريب، فالجزائر بعتت جنود صاعقة جزائريين بقوا ماشيين في ميدان التحرير عشان يحموا المواطنين المصريين."
لكن هذا التصريح، الذي بدا في ظاهره محاولة من الفنان المصري للتعبير عن الامتنان للشعب الجزائري، قوبل بتساؤلات عديدة وتشكيك واسع من المؤرخين والمتابعين الذين وصفوه بأنه "مغالطة تاريخية كبيرة".
خلفية تاريخية: ماذا حدث فعلاً بعد حرب 1967؟
في أعقاب حرب يونيو 1967 (النكسة)، تعرضت مصر لهزيمة عسكرية قاسية أمام إسرائيل، ما أدى إلى احتلال سيناء وتعزيز التوتر الإقليمي.
خلال تلك الفترة، قدمت الجزائر دعمًا سياسيًا وماليًا وعسكريًا لمصر، تمثل في:
-
إرسال سرب طائرات ميغ-21 جزائرية لدعم سلاح الجو المصري عام 1968.
-
مساعدات مالية عاجلة بعد الحرب لإعادة بناء الجيش المصري.
-
دعم دبلوماسي قوي في المحافل العربية والأفريقية ضد إسرائيل.
لكن لم تُسجّل أي وثائق تاريخية أو تقارير عسكرية تشير إلى وجود قوات جزائرية في شوارع القاهرة أو ميدان التحرير بعد النكسة، وهو ما يجعل الرواية التي ذكرها ياسر جلال غير مدعومة بأي مصدر موثوق.

ردود الفعل على مواقع التواصل
أشعل تصريح ياسر جلال موجة من التعليقات على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تساءل العديد من النشطاء المصريين والعرب:
“هل فعلاً شاهد أحد جنود جزائريين في التحرير سنة 1967؟”
وذهب بعض المعلقين إلى القول إن الفنان ربما اختلطت عليه الوقائع أو نقل رواية شعبية متداولة بلا توثيق.
بينما رأى آخرون أن التصريح جاء بدافع المجاملة السياسية للجمهور الجزائري خلال المؤتمر، دون قصد الإساءة أو التزييف.
من ناحية أخرى، دافع بعض الجزائريين عن جلال معتبرين أن النية كانت طيبة وأن حديثه يعكس تاريخ التضامن بين الشعبين، حتى لو لم يكن الحدث دقيقًا من الناحية العسكرية.
ياسر جلال بين الفن والسياسة
يُعرف الفنان ياسر جلال بمواقفه الهادئة وابتعاده عن الجدل السياسي، لكن هذه التصريحات وضعت اسمه فجأة في دائرة النقاش العام، خصوصًا أنها جاءت في حدث دولي رسمي يمثل مصر أمام الإعلام العربي.
ويرى مراقبون أن ما حدث يسلط الضوء على حساسية التصريحات التاريخية في المناسبات الثقافية، إذ يمكن لكلمة غير دقيقة أن تتحول إلى أزمة دبلوماسية مصغّرة أو جدل وطني.
ما بين الحقيقة والمبالغة: أين يكمن الخلل؟
من المعروف تاريخيًا أن الجزائر كانت من أوائل الدول التي وقفت مع مصر بعد النكسة، وشاركت لاحقًا في حرب أكتوبر 1973 بقوات رمزية ومساعدات عسكرية، لكن ادعاء وجود قوات جزائرية في ميدان التحرير عام 1967 لا يستند إلى أي وثائق رسمية أو شهادات موثقة.
ويؤكد المؤرخون أن القاهرة لم تشهد أي إنزال أو تهديد إسرائيلي مباشر بعد النكسة، بل كانت في حالة طوارئ واستنفار داخلي، بينما تركز النشاط العسكري في الجبهة الشرقية (سيناء وقناة السويس).
العلاقات المصرية الجزائرية.. من النكسة إلى اليوم
رغم الجدل، فإن العلاقات بين مصر والجزائر ظلت عبر التاريخ قائمة على الاحترام والتعاون، حيث قدمت الجزائر دعمًا سياسيًا قويًا لمصر في معاركها ضد الاحتلال الإسرائيلي، كما تعاون البلدان في ملفات عربية وأفريقية متعددة.
وتبقى حادثة “تصريح جلال” مجرد موقف فردي لا يؤثر على جوهر العلاقة بين الشعبين، لكنها تفتح الباب للنقاش حول أهمية تحري الدقة في الخطاب العام والفني عندما يتناول التاريخ الوطني أو القضايا القومية.
الجزائر قدمت ىدعما لمصروليس الوجود الميداني في القاهرة
-
ياسر جلال صرح في مؤتمر وهران أن الجزائر أرسلت جنودًا إلى ميدان التحرير بعد حرب 67.
-
لا توجد أي أدلة تاريخية أو عسكرية تدعم هذا الادعاء.
-
الجزائر قدمت دعمًا فعليًا لمصر بعد النكسة لكن عبر الطائرات والمساعدات وليس الوجود الميداني في القاهرة.
-
التصريح أثار جدلًا واسعًا بين المصريين والجزائريين، بين من رأى فيه مجاملة فنية ومن اعتبره تشويهًا للتاريخ.
السقوط في فخ المغالطة التاريخية.
ما قاله ياسر جلال في وهران قد يكون نابعًا من نية طيبة لإظهار الامتنان، لكنه سقط في فخ المغالطة التاريخية.
فالتاريخ لا يُكتب بالعواطف، بل بالوثائق، خاصة عندما يتعلق الأمر بعلاقات شعوب قاتلت سويًا من أجل الحرية والكرامة.






