شهادات صادمة من داخل سجون الاحتلال.. أسيرات فلسطينيات يروين فصولًا من التعذيب والإهانة في ”الدامون” و”الشارون
روايات موجعة تكشف الوجه القبيح للاحتلال
كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية في تقرير رسمي صدر اليوم الإثنين، تفاصيل صادمة عن الانتهاكات التي تتعرض لها الأسيرات الفلسطينيات داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، حيث وثّقت الهيئة شهادات حية للأسيرتين أماني النجار وماسة غزال، اللتين روتا ما تعرضتا له من شتم وضرب وإهانة وتعذيب نفسي وجسدي منذ لحظة الاعتقال وحتى الزج بهما في معتقل “الدامون”.
أماني النجار.. معلمة وأم لخمسة أبناء تواجه برد الزنازين وقسوة التحقيق
الأسيرة أماني النجار (41 عامًا) من بلدة الفوار بمحافظة الخليل، تلقت اتصالًا من ضابط في جيش الاحتلال يطلب منها التوجه إلى حاجز “زيف” جنوب الخليل.
وما إن وصلت إلى هناك حتى أُبلغت بأنها معتقلة رسميًا، حيث تم تقييد يديها ونقلها إلى مركز توقيف كريات أربع، ثم إلى مركز تحقيق “المسكوبية”، قبل أن تُرحّل إلى سجون متعددة وصولًا إلى “الدامون”.

وقالت النجار في شهادتها:
“في معبار الشارون كنت في غرفة ضيقة جدًا، باردة إلى حد الألم، فيها كاميرات تراقبنا على مدار الساعة، ولم يُسمح لي بالطعام أو الشراب لفترات طويلة. فرشة النوم رقيقة، سببت لي آلامًا في الظهر، أما في سجن الدامون فالوضع أسوأ؛ الطعام قليل وسيئ، والضحك أو الكلام بصوت مرتفع يُعتبر جريمة تُعاقب بالشتائم والإهانة.”
تلك التجربة القاسية عاشتها النجار رغم كونها أمًا لخمسة أطفال ومعلمة لغة إنجليزية، لتتحول من مُربية أجيال إلى معتقلة سياسية تواجه أبشع أشكال التنكيل.
ماسة غزال.. شابة نُقلت من برد نابلس إلى جحيم الزنازين
الأسيرة ماسة غزال (23 عامًا) من مدينة نابلس، تعرضت لاعتقالٍ عنيف بعد اقتحام جنود الاحتلال منزل عائلتها فجرًا، حيث تم تقييدها وتعصيب عينيها ونقلها إلى مركز توقيف حوارة، ثم إلى “أرئيل” للتحقيق، ومنها إلى “الشارون”، قبل أن تُحتجز أخيرًا في سجن الدامون.

وتقول ماسة:
“اعتقلوني وأنا أرتدي ملابس الصلاة. الجو كان باردًا جدًا، جلست على الأرض مكبّلة اليدين لساعات. في الدامون تعرضت للضرب والشتم، وأُلقي علينا الطعام والشاي، وحُرمنا من الخروج للفورة أسبوعًا كاملًا فقط لأننا كتبنا أسماءنا على الحائط.”
وأضافت:
“فقدت أكثر من 20 كيلو من وزني بسبب سوء الطعام والمعاملة.”
50 أسيرة في الدامون.. ومشهد إنساني يثير الغضب
وفق التقرير، يقبع حاليًا في سجن الدامون نحو 50 أسيرة فلسطينية يعانين ظروفًا معيشية بالغة السوء، تتراوح بين نقص الطعام، وانعدام الخصوصية، والعقوبات الجماعية، في وقتٍ تواصل فيه إدارة السجن التضييق عليهن بذريعة “الأمن والانضباط”.
ملف الجثامين.. صفقة إنسانية بين الاحتلال والمقاومة
وفي سياق متصل، سلمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي جثامين 45 أسيرًا فلسطينيًا كانت محتجزة لديها، في صفقة إنسانية نُقلت بموجبها الجثامين عبر فريق الصليب الأحمر الدولي إلى مجمع ناصر الطبي في خان يونس.
وجاءت هذه الخطوة مقابل إفراج كتائب القسام عن جثامين ثلاثة جنود إسرائيليين، ضمن صفقة تبادل جزئية جرت مؤخرًا، ليرتفع عدد الجثامين التي استلمها الفلسطينيون إلى 270 جثمانًا مقابل 20 جنديًا.
انتهاكات ممنهجة وصمت دولي
ترى منظمات حقوق الإنسان أن ما يجري بحق الأسيرات الفلسطينيات يُعد خرقًا فاضحًا لاتفاقيات جنيف المتعلقة بحماية النساء والأسرى، في ظل صمت دولي تجاه الجرائم الإسرائيلية اليومية داخل المعتقلات.
وتطالب الهيئة الفلسطينية بضرورة تشكيل لجنة دولية محايدة لمراقبة أوضاع الأسيرات والتحقيق في ظروف اعتقالهن، وضمان حصولهن على حقوقهن الإنسانية الأساسية.
شهادات الأسيرات مرآة لواقع قاسٍ تعيشه المرأة الفلسطينية خلف القضبان
ما تكشفه شهادات الأسيرات ليس مجرد معاناة فردية، بل مرآة لواقع قاسٍ تعيشه المرأة الفلسطينية خلف القضبان؛ واقعٍ يجمع بين الألم والصمود، وبين قهر الاحتلال وإصرار الأسيرات على البقاء رموزًا للكرامة والحرية رغم القيود.
فبين جدران “الدامون” الباردة، تكتب الأسيرات قصة أخرى من النضال.. قصة لا يراها العالم، لكنها تختصر كل وجع فلسطين.

















