جرائم قوات الدعم السريع في الفاشر تتفوق على جرائم الاحتلال في غزة.. صور الأقمار الصناعية تكشف فظائع جديدة
تتوالى الصدمة من مدينة الفاشر غرب السودان، بعد أن كشفت صور حديثة التقطتها الأقمار الصناعية عن استمرار عمليات القتل الجماعي التي تُرتكب بحق المدنيين، عقب سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة قبل أيام قليلة.
ووفقًا لتقارير دولية، فإن حجم الجرائم والانتهاكات في الفاشر بات يفوق في بشاعته ما ترتكبه قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة، وسط صمت دولي مريب وتجاهل لمعاناة آلاف المدنيين العالقين في أتون الموت والدمار.
الفاشر.. المدينة التي تحولت إلى مقبرة جماعية
ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية (AFP) أن باحثين من جامعة ييل الأمريكية أكدوا في تقرير جديد أن صور الأقمار الصناعية أظهرت بوضوح وقوع عمليات قتل جماعي مستمرة داخل المدينة ومحيطها، منذ سقوطها بيد قوات الدعم السريع.
وأشار التقرير إلى أن القوات المتمردة أحكمت سيطرتها على الفاشر، وهي آخر معقل للجيش السوداني في إقليم دارفور الذي يمثل نحو ثلث مساحة السودان، بعد حصار استمر أكثر من 18 شهراً.

ومنذ ذلك الحين، تتصاعد التقارير حول الإعدامات الميدانية، وعمليات الاغتصاب الجماعي، والاعتداءات على عمال الإغاثة، إضافة إلى النهب والخطف، في ظل انقطاع شبه كامل للاتصالات داخل المدينة والمناطق المحيطة بها.
أدلة دامغة من جامعة ييل
وفقًا لتقرير مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل، فإن صور الأقمار الصناعية التي التُقطت بين يومي الاثنين والجمعة الماضيين، أظهرت وجود 31 موقعًا يُعتقد أنها مقابر جماعية أو تجمعات لجثث المدنيين الذين قتلوا في هجمات الدعم السريع.
وتركزت هذه المواقع داخل الأحياء السكنية والحرم الجامعي ومناطق المنشآت العسكرية، ما يؤكد أن القتل لم يكن عشوائيًا بل ممنهجًا ومقصودًا ضد السكان.
وأضاف التقرير أن "الأدلة البصرية تُظهر بوضوح استمرار جرائم الإبادة الجماعية، وسط محاولات من القوات المسيطرة لطمس آثار الجريمة بإخفاء الجثث في مناطق مغلقة يصعب الوصول إليها".
شهادات مروعة من الناجين
نقلت وكالة فرانس برس شهادات مروعة من ناجين فرّوا إلى مدينة طويلة المجاورة، أكدوا فيها أن قوات الدعم السريع نفذت مجازر بحق المدنيين، حيث تم إطلاق النار على الأطفال أمام ذويهم، وارتكبت عمليات اغتصاب جماعي بحق النساء، كما جرى نهب المنازل ومصادرة ممتلكات الفارين.
وقال أحد الشهود:
"رأينا الجنود يطلقون النار على من يحاول الهرب، لم يفرقوا بين طفل أو امرأة، كانت المدينة تحترق ونحن نركض وسط الجثث".
كارثة إنسانية صامتة في دارفور
تصف منظمات حقوقية المشهد في دارفور بأنه كارثة إنسانية تتكشف بصمت، إذ تشير التقديرات إلى مقتل آلاف المدنيين خلال الأسابيع الأخيرة فقط، في وقت يُحرم فيه مئات الآلاف من الغذاء والماء والدواء بسبب الحصار المفروض من قبل قوات الدعم السريع.
وتحذر تقارير الأمم المتحدة من أن استمرار هذه الانتهاكات قد يؤدي إلى موجة نزوح هي الأكبر في إفريقيا منذ الحرب الأهلية في رواندا، خاصة مع تزايد عدد الفارين من الفاشر نحو المناطق الحدودية مع تشاد.
صمت دولي يثير الغضب
رغم هول الجرائم التي تُرتكب في دارفور، إلا أن ردود الفعل الدولية ما تزال محدودة وضعيفة.
فبينما تتجه أنظار العالم نحو غزة، يغرق السودان في دوامة من الدماء والعنف الطائفي، وسط عجز أممي عن إرسال بعثات مراقبة أو فرض عقوبات على مرتكبي الجرائم.
وطالب ناشطون ومنظمات حقوقية مجلس الأمن الدولي بـتحقيق عاجل ومحاكمة قادة الدعم السريع أمام المحكمة الجنائية الدولية، باعتبار ما يحدث في الفاشر "جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان".
وصمة عار في جبين الإنسانية.
ما يجري في الفاشر ليس مجرد صراع سياسي أو عسكري، بل هو وصمة عار في جبين الإنسانية.
إن مشاهد الجثث المكدسة التي كشفتها الأقمار الصناعية تضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، وتؤكد أن الصمت عن جرائم الدعم السريع هو مشاركة في الجريمة نفسها.
ومثلما أدانت الشعوب جرائم الاحتلال في غزة، يجب أن يعلو الصوت العالمي اليوم لوقف الإبادة في دارفور قبل أن تبتلع الفاشر وتتحول إلى رمز جديد للموت الجماعي في إفريقيا.

















