نائب الرئيس الأمريكي يسخر من المرشح المسلم لمنصب عمدة نيويورك.. وخبراء: تصعيد سياسي بملامح عنصرية
زهران ممداني يردّ بهدوء: "عمتي رمز للخوف الذي عاشه المسلمون بعد 11 سبتمبر"
اشتعل الجدل في الولايات المتحدة بعد تعليقات جاي دي فانس، نائب الرئيس الأمريكي، التي وصفها مراقبون بأنها "استهزاء غير لائق" بالمرشح الديمقراطي المسلم زهران ممداني، الذي يخوض سباق انتخابات عمدة نيويورك وسط دعم شعبي متزايد وتأييد من قيادات بارزة داخل الحزب الديمقراطي.
بداية الأزمة: "الضحية الحقيقية كانت عمتي!"
بدأت القصة عندما تحدث ممداني، وهو سياسي أمريكي من أصول هندية – أوغندية، خلال كلمة مؤثرة أمام أحد المساجد في مدينة برونكس، حيث استعاد ذكريات ما بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 قائلاً:
"توقفت عمتي عن ركوب المترو بعد الهجمات لأنها لم تعد تشعر بالأمان وهي ترتدي الحجاب."
الحديث الذي لاقى تصفيقًا واسعًا من الحاضرين، اعتبره البعض تجسيدًا لمعاناة الجالية المسلمة في الولايات المتحدة، إلا أن نائب الرئيس جاي دي فانس قرر الرد عليه بسخرية حادة عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، قائلاً:
"وفقًا لزهران، الضحية الحقيقية لأحداث 11 سبتمبر كانت عمته التي تعرضت لبعض النظرات السيئة!"
التصريح اعتُبر مهينًا للمسلمين الأمريكيين، وأثار عاصفة من الانتقادات عبر وسائل الإعلام والمنصات الاجتماعية، خاصة أنه صدر من ثاني أعلى مسؤول في البلاد.

زهران ممداني يردّ: "هذا ليس ضعفًا.. بل درس تعلمه المسلمون في نيويورك"
ردّ ممداني بهدوء، مؤكدًا في تصريحات نقلتها وسائل إعلام أمريكية أنه "لا يبحث عن تعاطف سياسي"، بل يسعى لتذكير الأمريكيين بأن الإسلاموفوبيا كانت واقعًا مؤلمًا بعد أحداث سبتمبر.
وأضاف قائلاً:
"هذه الدروس تعلمها المسلمون في نيويورك على مدار عقدين. واليوم، يحاول البعض إنكارها أو السخرية منها."
وأشار ممداني إلى أن تصريح فانس "يعكس جهلًا بتاريخ المدينة وتنوعها"، مؤكدًا أنه "لن يرد بالمثل، بل سيواصل حملته على أسس العدالة والمساواة لكل الأمريكيين".
ردود فعل غاضبة من الديمقراطيين
تعليقات نائب الرئيس لم تمر مرور الكرام داخل الحزب الديمقراطي، إذ عبّر عدد من القادة عن رفضهم لما وصفوه بـ"التهكم العنصري".
وصرح مسؤول في حملة ممداني الانتخابية لصحيفة نيويورك تايمز:
"ما قاله فانس ليس مجرد سخرية، بل هو إشارة إلى الاتجاه الذي تسلكه الإدارة في التعامل مع الأقليات الدينية."
في المقابل، دافع الحاكم السابق أندرو كومو – وهو أبرز منافسي ممداني – عن فانس، متهمًا المرشح المسلم بـ"اللعب على وتر المظلومية لتحقيق مكاسب سياسية"، بينما نفى وجود "إسلاموفوبيا ممنهجة" في نيويورك.
زهران ممداني.. المرشح المسلم الذي يربك السياسة الأمريكية
يُعد زهران ممداني (33 عامًا) من أبرز الوجوه الصاعدة في الحزب الديمقراطي التقدمي. وهو عضو في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، معروف بمواقفه المناصرة للفلسطينيين وانتقاده الدائم لسياسات الحكومة الإسرائيلية.
في تصريحات سابقة لصحيفة نيويورك تايمز، قال ممداني إنه سيأمر – حال انتخابه – بـ"اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بصفته مجرم حرب"، في إشارة إلى مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية.
هذه المواقف جعلته محط هجوم شرس من التيار اليميني والإعلام المحافظ، لكنها في الوقت نفسه أكسبته قاعدة جماهيرية واسعة داخل الأوساط الشبابية واليسارية.
استطلاعات الرأي: تفوق واضح رغم الحملات
وفقًا لاستطلاع أجرته شركة Victory Insights، يتصدر ممداني سباق انتخابات عمدة نيويورك بنسبة 46.7% من نوايا التصويت، مقابل 28.6% لكومو و16.2% للمرشح الجمهوري كيرتس سلوى.
ورغم الحملات المضادة، فإن تدفق التبرعات الصغيرة من آلاف المؤيدين يوحي بوجود دعم شعبي حقيقي، خصوصًا بين الأقليات والمجتمعات المسلمة واللاتينية.
محللون: الحملة ضد ممداني "مدسوسة لخدمة أجندة سياسية"
يرى محللون سياسيون أن الهجوم المتكرر على ممداني "ليس عفويًا"، بل يعكس محاولة لتشويه صورته أمام الناخبين عبر استغلال خلفيته الدينية ومواقفه المؤيدة لفلسطين.
وأكدت مصادر مطلعة في واشنطن أن بعض هذه الأخبار يتم تداولها عبر وكالات أنباء بتمويل سياسي خفي، بهدف تقويض فرص المرشح المسلم في الوصول إلى منصب رفيع داخل مدينة تُعد من أكثر المدن تنوعًا في العالم.
سباق نيويورك يتحول إلى اختبار للضمير الأمريكي
يرى مراقبون أن انتخابات عمدة نيويورك 2026 لن تكون مجرد منافسة سياسية، بل معركة رمزية حول قيم التسامح والتعددية في الولايات المتحدة.
وفي وقت يحاول فيه ممداني كسر الحواجز بين الجاليات وتعزيز صورة المسلم الأمريكي المتفاعل مع مجتمعه، يبدو أن خصومه يسعون لاستخدام أدوات الماضي لتأليب الرأي العام ضده.
لكن، وكما قال أحد أنصاره خلال تجمع انتخابي في برونكس:
"قد يسخرون من الحجاب، لكنهم لا يستطيعون السخرية من العدالة."

















