مهري 3 نياق”.. جدل واسع حول ارتفاع المهور في السعودية وتأثيرها على الزواج
في مشهدٍ يعكس التغيرات الاجتماعية والاقتصادية داخل المجتمع السعودي، أثارت مقولة “مهري 3 نياق، أي بقيمة 90 مليون ريال سعودي” ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما استخدمها كثيرون كسخرية من ظاهرة ارتفاع المهور التي أصبحت عائقًا أمام الشباب الراغبين في الزواج.
ورغم الطابع الطريف للعبارة، فإنها سلطت الضوء على مشكلة حقيقية تهدد استقرار مؤسسة الزواج في المملكة، مع تزايد المطالب المادية التي تجعل “الزواج حلمًا مؤجلًا” لدى كثير من الشباب والفتيات.
الظاهرة في تصاعد رغم التحذيرات
تشير دراسات وتقارير محلية إلى أن متوسط المهر في السعودية يتراوح اليوم بين 30 و50 ألف ريال سعودي، بينما ترتفع في بعض المناطق أو الأسر الثرية إلى 100 ألف ريال أو أكثر، إضافة إلى تكاليف الزواج الأخرى من حفلات وتجهيزات وهدايا قد تتجاوز مجتمعة 150 ألف ريال.

وفي المقابل، تتجه بعض الأسر إلى تحديد مهور رمزية في محاولة لتيسير الزواج، إذ شهدت مناطق مثل القصيم وعسير ومكة المكرمة مبادرات اجتماعية لتحديد سقف المهر عند 50 ألف ريال فقط، بدعم من وجهاء القبائل وقيادات محلية، حرصًا على الحد من تفشي ظاهرة العزوف عن الزواج بسبب الكلفة الباهظة.
سخرية تعكس أزمة حقيقية
عبارة “مهري 3 نياق” التي لاقت انتشارًا واسعًا لم تكن مجرد طرفة، بل أصبحت رمزًا للسخرية من المغالاة في المهور، إذ علّق ناشطون بأن المهر تحوّل من رمز تكريم للعروس إلى “صفقة مالية” تثقل كاهل الشباب.
بينما رأى آخرون أن المهر المرتفع أصبح مؤشرًا اجتماعيًا للمكانة وليس للالتزام الديني، وهو ما يتعارض مع مقاصد الشريعة الإسلامية التي دعت إلى التيسير لا التعسير.
ويقول أحد النشطاء في تعليق لافت:
“صار الزواج في بعض البيوت مشروعًا استثماريًا، مش ميثاقًا شرعيًا.”
تأثير مباشر على الزواج والاستقرار الأسري

بحسب إحصاءات غير رسمية، فإن متوسط سن الزواج لدى الشباب السعودي ارتفع إلى ما فوق 30 عامًا، بسبب الأعباء المالية المتزايدة، فيما ارتفعت حالات الطلاق في السنوات الأخيرة، خاصة في الزيجات التي بدأت بدَينٍ أو ضغوط مالية.
ويُرجع مختصون في علم الاجتماع ذلك إلى أن المغالاة في المهر تُضعف أسس الحياة الزوجية منذ البداية، لأنها تُحوِّل العلاقة إلى عبء اقتصادي بدلاً من أن تكون شراكة مبنية على التفاهم.
الشريعة تدعو إلى التيسير
يؤكد علماء الدين في السعودية أن المغالاة في المهور لا أصل لها في الإسلام، وأن النبي ﷺ قال:
“خيرُ النكاحِ أيسرُهُ مؤونةً.”
ويرى العلماء أن رفع المهر ليس مقياسًا للكرامة أو المكانة، بل وسيلة لعرقلة الشباب عن الزواج، ودعوا الأسر إلى إعادة النظر في عاداتها الاجتماعية حفاظًا على قيم المجتمع وتماسكه.
الاقتصاد والمهور.. علاقة متشابكة
يربط اقتصاديون بين ارتفاع تكلفة المعيشة وبين اتجاه الأسر للمطالبة بمهور أعلى كنوع من الضمان المالي، إلا أن هذا التفكير يزيد الأزمة عمقًا، إذ يؤدي إلى تأخير الزواج أو تراكم الديون على الشباب.
وفي المقابل، بدأت الدولة بدعم برامج مجتمعية لتيسير الزواج عبر الجمعيات الخيرية وصناديق التمويل، ما ساهم في تزويج آلاف الشباب سنويًا بمبالغ رمزية.
مبادرات لتغيير الثقافة
في السنوات الأخيرة، أطلقت عدة مبادرات مثل “زواج بلا تكاليف” و**“يسروا ولا تعسروا”** التي تدعو إلى الزواج البسيط والميسر دون مهر مرتفع أو مظاهر إسراف.
كما شارك مؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي في نشر رسائل توعوية تُشجع على الزواج القائم على المودة والتفاهم وليس المظاهر.
أرقام تكشف حجم الظاهرة
-
متوسط المهر في السعودية: من 30 إلى 50 ألف ريال.
-
تكلفة الزواج الكاملة: تتراوح بين 120 و180 ألف ريال.
-
ارتفاع سن الزواج للرجال إلى 31 عامًا في المتوسط.
-
مبادرات محلية لتحديد سقف المهر: 50 ألف ريال كحد أقصى.
مهر بسيط.. حياة مستقرة
أزمة المهور ليست مجرد أرقام، بل قضية تمسّ البنية الاجتماعية للمجتمع السعودي، فالمهر في الأصل “هدية للود”، لا عبء للتفاخر.
ولعل انتشار المقولة الساخرة “مهري 3 نياق بقيمة 90 مليون ريال” ما هو إلا صرخة مجتمعية للتنبيه إلى خطر المغالاة وضرورة العودة إلى قيم البساطة والرحمة التي دعت إليها الشريعة الإسلامية.






