قمة شرم الشيخ 2025.. ترتيبات دقيقة ومفاوضات حاسمة ترسم مستقبل غزة والمنطقة

ساعات قليلة وتبدأ قمة غزة علي ارض السلام في مدينة شرم الشيخ المصريحيث تُعقد واحدة من أكثر القمم السياسية حساسية في السنوات الأخيرة، بمشاركة وفود من الولايات المتحدة وإسرائيل وحركة حماس ومصر وقطر وتركيا، وسط أجواء مشحونة بالأمل والحذر في آنٍ واحد.
القمة التي تُعقد تحت رعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تأتي ضمن المرحلة التنفيذية من خطة غزة التي أطلقها البيت الأبيض لإنهاء الحرب المستمرة منذ عامين بين إسرائيل وحماس، وبدء ترتيبات مرحلة ما بعد الحرب في القطاع.
المشاركون في قمة شرم الشيخ
تضم القمة نخبة من أبرز الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة، حيث يقود الوفد الأمريكي جاريد كوشنر وستيف ويتكوف بصفتهما مبعوثين للرئيس ترامب، بينما يمثل إسرائيل وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر.
ومن الجانب الفلسطيني، يشارك وفد رفيع المستوى من حركة حماس برئاسة خليل الحية، إلى جانب ممثلين عن الفصائل الفلسطينية الأخرى، من بينهم شخصيات من حركتي الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
أما على المستوى العربي، فتشارك مصر وقطر وتركيا بدور الوساطة السياسية والأمنية، حيث حضر اللقاء كلٌّ من رؤساء أجهزة المخابرات في الدول الثلاث، في محاولة لتقريب وجهات النظر وضمان الالتزام ببنود الاتفاق النهائي.
الترتيبات الميدانية المطروحة في القمة
تركّز جلسات قمة شرم الشيخ على خمس نقاط رئيسية، وُصفت بأنها جوهر خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة:
-
آليات الانسحاب الإسرائيلي:
عرض الجانب الإسرائيلي خرائط مبدئية لمناطق الانسحاب على ثلاث مراحل، على أن يتم نقل القوات إلى خطوط متفق عليها مسبقًا، مع بقاء مراقبة دولية مؤقتة. -
تبادل الأسرى:
وافق الجانبان مبدئيًا على تنفيذ صفقة تبادل تشمل الإفراج عن نحو 250 أسيرًا محكومين بالمؤبد و1700 معتقل من غزة، مقابل إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس.
وطالبت الحركة بربط كل مرحلة من الإفراج بمرحلة موازية من الانسحاب الكامل. -
الضمانات الدولية:
شدد وفد حماس على ضرورة وجود ضمانات أمريكية ومصرية وقطرية بعدم تجدد العدوان، مع إشراف مباشر من الأمم المتحدة على تطبيق الاتفاق. -
إدارة غزة بعد الحرب:
طُرح مقترح لتشكيل لجنة إدارة مدنية فلسطينية تتألف من 15 تكنوقراطًا، تعمل تحت إشراف دولي برئاسة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، على أن تنتقل السلطة لاحقًا إلى الحكومة الفلسطينية الموحدة. -
إعادة الإعمار:
أعلنت مصر وقطر استعدادهما لإطلاق صندوق دولي لإعمار غزة فور تثبيت وقف إطلاق النار وبدء المرحلة الانتقالية.
التحليل السياسي: ما الذي قد تسفر عنه قمة شرم الشيخ؟
السيناريو الأول: اتفاق شامل
في حال نجاح الوساطات الجارية، من المتوقع أن يتم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار خلال أيام، يتضمن جدولًا زمنيًا واضحًا لتبادل الأسرى وانسحاب الجيش الإسرائيلي.
وسيُعلن خلاله عن بداية المرحلة الأولى لإعادة إعمار غزة تحت إشراف مصري ودولي، مع فتح المعابر وتدفق المساعدات الإنسانية.
السيناريو الثاني: اتفاق جزئي وتأجيل الملفات المعقدة
قد يتم الاكتفاء باتفاق جزئي يركّز على وقف القتال وتبادل الأسرى دون حسم الملفات الشائكة مثل مستقبل الحكم في غزة أو وجود القوات الدولية، ما يعني استمرار المفاوضات في جولات لاحقة.
السيناريو الثالث: التعثر وتأجيل الحسم
في حال استمرار الخلاف حول قوائم الأسرى أو خرائط الانسحاب، قد تؤجَّل القمة دون توقيع رسمي، على أن تُستأنف المفاوضات خلال الأسابيع المقبلة بضغط أمريكي مكثف.
أهمية القمة لمستقبل المنطقة
يرى مراقبون أن قمة شرم الشيخ تمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرة الدبلوماسية الإقليمية على تحقيق سلام متوازن بين الأمن الإسرائيلي والحقوق الفلسطينية، كما أنها قد تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من إعادة رسم التحالفات في الشرق الأوسط.
ويرجّح محللون أن نجاح القمة سيعزز الدور المصري كوسيط إقليمي محوري، بينما سيمنح الإدارة الأمريكية الحالية إنجازًا دبلوماسيًا ضخمًا قبيل الانتخابات الأمريكية المقبلة.
القمة محطة فاصلة بين الحرب والسلام
قمة شرم الشيخ ليست مجرد اجتماع تفاوضي، بل محطة فاصلة بين الحرب والسلام، بين مرحلة الفوضى ومرحلة إعادة الإعمار.
ومهما كانت نتائجها، فإنها تعكس إجماعًا دوليًا متزايدًا على ضرورة إنهاء الحرب المستمرة منذ عامين، ووضع حد لمعاناة المدنيين، وفتح صفحة جديدة من الاستقرار في المنطقة.