رشح لمناصب عليا دون صحيفة الحالة الحنائية او فحص امني .. فضيحة تهز المحليات في الاسكندارية !

بعد تعيينه بيومين فقط.. القبض على رئيس حي شرق الإسكندرية المحكوم بالمؤبد يثير صدمة واسعة
حالة من الدهشة والجدل الواسع اجتاحت محافظة الإسكندرية صباح اليوم، عقب إعلان الأجهزة الأمنية القبض على رئيس حي شرق الإسكندرية الجديد، المعروف اختصارًا بـ"ح.ز"، بعد 48 ساعة فقط من صدور قرار تعيينه في منصبه ضمن حركة تغييرات محلية مفاجئة شملت عددًا من رؤساء الأحياء.
المفاجأة لم تكن في واقعة القبض ذاتها، بل في السبب: تنفيذ حكم قضائي بالسجن المؤبد صادر ضده في قضية رشوة، في وقت كان فيه المسؤول يمارس مهام عمله بشكل طبيعي، ويقود حملات ميدانية موسعة ضد مخالفات البناء والنظافة.
تفاصيل القضية.. حكم مؤبد منذ أبريل
تعود جذور القضية إلى فترة تولي المتهم رئاسة مجلس ومدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، وهي القضية التي تحمل رقم 214 حصر 2025 ورقم 1329 لسنة 2025، والتي صدر فيها حكم غيابي بالسجن المؤبد بتاريخ 19 أبريل 2025، بعد اتهامه بتلقي رشوة مالية مقابل تسهيل مخالفات إدارية.
ورغم صدور الحكم قبل نحو ستة أشهر، فإن المتهم ظل يتنقل بين المناصب المحلية في الإسكندرية دون أن يُنفّذ الحكم أو يتم الكشف عن موقفه القانوني، حتى تم القبض عليه أخيرًا بناءً على مذكرة من وزارة الداخلية وتنفيذًا لقرار النيابة العامة.
مسيرة مهنية مثيرة للجدل
بحسب مصادر محلية، بدأ “ح.ز” مسيرته في الإسكندرية كرئيس الإدارة المركزية لتجميل المدينة عام 2023 في عهد المحافظ السابق اللواء محمد الشريف، ثم تدرج في المناصب إلى أن تولى رئاسة مركز ومدينة برج العرب، قبل أن يصدر قرار في يونيو 2025 بتعيينه رئيسًا لحي وسط.
وفي 6 أكتوبر 2025، شملته حركة التنقلات المحدودة التي أجراها المحافظ الحالي الفريق أحمد خالد سعيد، ليصبح رئيسًا لحي شرق الإسكندرية، وهو المنصب الذي لم يستمر فيه أكثر من 48 ساعة فقط قبل أن يُلقى القبض عليه ويُرحّل إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيقات.
تساؤلات صادمة.. أين كانت التحريات والفحص الأمني؟
الواقعة فتحت باب التساؤلات الواسع حول آلية تعيين القيادات المحلية في مصر، خاصة أن الإجراءات المتبعة تتضمن فحص صحيفة الحالة الجنائية، والتحريات الأمنية، ومراجعة الموقف القانوني قبل صدور أي قرار وزاري أو محافظي بالتعيين.
كيف أمكن لشخص صدر بحقه حكم مؤبد نهائي غيابي أن يتسلم ثلاثة مناصب متتالية في أشهر قليلة دون أن يُكتشف أمره؟
وهل تمت مراجعة ملفه من قبل وزارة التنمية المحلية أو الرقابة الإدارية قبل اعتماد قرارات تعيينه؟
مصادر داخل ديوان محافظة الإسكندرية أكدت أن هناك تحقيقًا داخليًا عاجلًا بدأ بالفعل لتحديد المسؤولين عن القصور في مراجعة ملفات القيادات التنفيذية، خاصة مع وجود تعليمات سابقة من مجلس الوزراء بضرورة إرفاق صحيفة الحالة الجنائية وتقرير الموقف القضائي قبل صدور أي قرار بالتكليف.
تحرك أمني سريع وتنفيذ فوري للحكم
أكدت مديرية أمن الإسكندرية أنها نفذت الحكم القضائي فور التأكد من بيانات المتهم، وتم ترحيله تحت حراسة مشددة إلى النيابة العامة المختصة لاستكمال الإجراءات القانونية وإعادة محاكمته حضوريًا.
وأشارت المصادر إلى أن تنفيذ الحكم تم بعد ورود إخطار رسمي من وزارة الداخلية يفيد بوجود حكم مؤبد غيابي مسجل ضد رئيس الحي الجديد، وأنه مطلوب على ذمة القضية منذ أشهر.
صدى الواقعة في الشارع السكندري
الواقعة أثارت موجة من الغضب والسخرية بين المواطنين وموظفي الحي، الذين أعربوا عن دهشتهم من إمكانية أن يتولى شخص محكوم عليه بالمؤبد منصبًا قياديًا في الدولة.
وقال أحد العاملين في ديوان الحي:
“تسلم مهامه قبل يومين فقط، وكان يقود حملات نظافة وتفتيش وكأن شيئًا لم يكن، ولم نكن نعلم أنه مطلوب في قضية بهذه الخطورة.”
مساءلة مرتقبة لمسؤولي التعيين
من المتوقع أن تُحال الواقعة إلى النيابة الإدارية ووزارة التنمية المحلية لتحديد المسؤولية القانونية عن خطأ تعيين شخص محكوم عليه بالسجن المؤبد في منصب تنفيذي رفيع.
ويرى خبراء في الإدارة المحلية أن الحادثة تكشف ثغرات خطيرة في منظومة التعيينات الحكومية، مؤكدين ضرورة وضع آلية إلكترونية موحدة تربط بين وزارة العدل والداخلية والتنمية المحلية لضمان التحقق الفوري من الوضع الجنائي لأي مرشح لمنصب عام.
دروس وعِبر في زمن المساءلة
تكشف هذه الحادثة عن خلل إداري عميق يجب معالجته فورًا، ليس فقط في الإسكندرية، بل على مستوى الدولة بأكملها.
فأن يتولى مسؤول محكوم عليه بالمؤبد منصبين متتاليين دون اكتشاف أمره، هو مؤشر على قصور مؤسسي يتجاوز الفرد إلى النظام الإداري نفسه.
ويُنتظر أن يفتح هذا الملف الباب أمام مراجعة شاملة لكفاءة وشفافية تعيين القيادات المحلية، بما يضمن عدم تكرار هذه الفضيحة الإدارية مستقبلاً.