ترقب لإعلان واشنطن
واشنطن تُحضّر نص إعلان ترامب عن اتفاق غزة.. تسريب يشعل كواليس المفاوضات في باريس والقاهرة

قالت مصادر سياسية ودبلوماسية مطلعة أن واشنطن بدأت بالفعل في إعداد نص إعلان رسمي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن التوصل إلى اتفاق حول غزة، وسط حالة من الترقب الدولي للمفاوضات الجارية في باريس والقاهرة.
الخطوة الأمريكية تأتي قبل أيام من زيارة محتملة لترامب إلى الشرق الأوسط، بدعوة من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، لحضور مراسم توقيع اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس بعد حرب دامت لعامين كاملين.
البيت الأبيض يعمل على صياغة بيان متكامل يتضمن الخطوط العريضة للاتفاق
وبحسب ما نقلته صحيفة واشنطن بوست وموقع أكسيوس، فإن البيت الأبيض يعمل على صياغة بيان متكامل يتضمن الخطوط العريضة للاتفاق، بالتنسيق مع مستشاري الأمن القومي الأمريكي ووزارتي الخارجية والدفاع، في محاولة لضبط التوازن بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي قبل الإعلان الرسمي.
تفاصيل التحضيرات الأمريكية
المصادر الأمريكية أكدت أن نص الإعلان يجري صياغته في مجلس الأمن القومي الأمريكي، ويشمل مجموعة من النقاط التي تم التوافق عليها مبدئيًا في المباحثات التي تجري حاليًا بين الأطراف في مصر وباريس.
وتشير التسريبات إلى أن الاتفاق الجديد يتضمن:
-
وقفًا شاملًا لإطلاق النار في قطاع غزة خلال 72 ساعة من توقيع الاتفاق.
-
إطلاق سراح الأسرى من الجانبين وفق جدول زمني محدد.
-
انسحابًا تدريجيًا للقوات الإسرائيلية من مناطق داخل القطاع.
-
تشكيل إدارة مدنية مؤقتة في غزة تحت إشراف دولي بمشاركة خبراء فلسطينيين مستقلين.
-
إعادة الإعمار عبر صندوق دولي تديره واشنطن والقاهرة والدوحة.
هذه البنود تُعد جزءًا من "خطة ترامب للسلام" التي كشف عنها في نهاية سبتمبر الماضي، والمكونة من 20 بندًا رئيسيًا، وتهدف إلى إنهاء النزاع وتهيئة بيئة مستقرة لحكم مدني غير تابع لأي فصيل مسلح.
الدور المصري والوساطة الإقليمية
في القاهرة، تتواصل منذ الإثنين المفاوضات غير المباشرة بين وفود من حركة حماس وإسرائيل، بمشاركة مصر وقطر وتركيا كوسطاء أساسيين.
ووفقًا لمصادر مصرية مطلعة، فإن القاهرة تلعب الدور الأكبر في تثبيت التفاهمات ومنع انهيار المفاوضات، خصوصًا بعد الخلافات التي ظهرت بشأن شكل الإدارة المؤقتة للقطاع ومن سيتولى الإشراف على معابر الحدود.
وأكدت المصادر أن الرئيس عبدالفتاح السيسي وجّه دعوة رسمية للرئيس ترامب لحضور مراسم توقيع الاتفاق في حال إتمامه، في إشارة إلى دور مصر المحوري في إنجاح التسوية وإعادة الاستقرار إلى المنطقة.
باريس.. المفاوضات تحت ضغط إسرائيلي
وفي باريس، حيث تُعقد جولة موازية من المفاوضات، أفاد موقع رويترز أن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو لن يحضر اجتماع باريس الخميس، بناءً على طلب من إسرائيل، التي تخشى أن يؤدي الحضور الأمريكي المباشر إلى تمرير صيغة لا تتوافق تمامًا مع مصالحها الأمنية.
وقالت مصادر إسرائيلية إن تل أبيب تريد التأكد من أن صيغة الاتفاق النهائي لا تمنح حماس أي نفوذ سياسي أو دور في إدارة غزة، وأن أي إعلان أمريكي يجب أن يُنسّق مع الحكومة الإسرائيلية مسبقًا.
التحديات التي تواجه الإعلان الأمريكي
رغم مؤشرات التفاؤل، إلا أن الإعلان الأمريكي المنتظر يواجه عدة مخاطر سياسية ودبلوماسية:
-
احتمال تسرب بنود حساسة قبل الاتفاق الرسمي، مما قد يُفشل المفاوضات الجارية.
-
الرفض الإسرائيلي لبعض البنود المتعلقة بالإدارة المدنية في غزة.
-
التخوف الفلسطيني من فرض وصاية دولية على القطاع بدلًا من حكم وطني مستقل.
-
انقسامات داخل الإدارة الأمريكية نفسها حول توقيت الإعلان، حيث يرى بعض المسؤولين أن أي إعلان مبكر قد يثير جدلًا داخليًا في واشنطن قبل الانتخابات.
نحو اتفاق تاريخي؟
رغم التعقيدات، يرى مراقبون أن التحركات الأمريكية الأخيرة تشير إلى مرحلة متقدمة جدًا من المفاوضات، وأن ترامب يسعى لاستثمار الاتفاق كإنجاز دبلوماسي كبير في السياسة الخارجية الأمريكية، يضاف إلى تاريخه قبل انتخابات 2026.
وبحسب صحيفة ذا غارديان، فإن ترامب قد يُعلن بنفسه عن اتفاق غزة خلال زيارته المرتقبة الأحد القادم، ما لم تحدث عقبات طارئة في مفاوضات القاهرة.
ومن المتوقع أن يتضمن الإعلان تعهدًا أمريكيًا واضحًا بدعم إعادة الإعمار وضمان الاستقرار الأمني في القطاع عبر قوات مراقبة دولية.
صفقة غزة باتت أقرب من أي وقت مضى إلى الإعلان الرسمي
التحركات الأمريكية تُظهر أن صفقة غزة باتت أقرب من أي وقت مضى إلى الإعلان الرسمي، لكن تنفيذها على الأرض سيظل التحدي الأكبر أمام الجميع.
فما بين التوازنات السياسية، والتحفظات الإسرائيلية، والمطالب الفلسطينية، يبدو أن إعلان واشنطن المنتظر سيكون لحظة فارقة في تاريخ القضية الفلسطينية، فإما أن يُعيد الأمل بالسلام، أو يُشعل جولة جديدة من الجدل الإقليمي.